
بسمة نسائية/ منبر بسمة
بقلم: عبد الرفيع حمضي
من أجمل التعاليق الساخرة التي وصلتني على القرار الفجائي لحل “الجمعية الوطنية الفرنسية” من طرف الرئيس الفرنسي، هو رسم كاركاتيري مفاده ان “مكتب الخبرة الدولي ماكينزي، اقترح على إيمانويل ماكرون dix Solutions (عشرة حلول) لتجاوز الأزمة .لكن الرئيس فهم dissolution وهكذا حل مجلس النواب سرعة وبدون استشارة، وفي حركة غير مفكر فيها. وأعلن عن انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.
الانتخابات التي لم يسبق لماكرون ان جربها. فلم يسبق ان خاضها لا محليا، ولا جهويا، ولا برلمانيا ولا أوروبيا، قبل فوزه بالصدفة في رئاسيات 2016، مما عمق شعوره بالتفوق والعضمة.
وهكذا واجه الجميع منذ وصوله إلى السلطة، متوهما بقدرته على الخروج بمفرده من الأزمات الشائكة، مما جعله يعيش “معزولا بسبب يقينه بموهبته”.
هذه العزلة التي قالت عنها الصحفية الفرنسية solenn de Royer المختصة في قضايا الاليزيه، إن ماكرون بدأ ولايته بها وهو الان ينهيها بها كذلك، بعدما تخلى عنه كل الكبار من رجال السياسة.
كيف لا، وهو الذي الذي سبق له ان وصف رؤساء الأحزاب والمنتخبين “باصحاب المحلات التجارية في آخر الزنقة “، حسب ما اسر به لصديقه الكاتب Philipe Besson سنة 2017.
فها هي فرنسا “إعلان حقوق الإنسان والمواطن” لسنة 1789، الوثيقة أساسية في دستور الثورة الفرنسية. وفرنسا التي احتضنت اعتماد “الإعلان العالمي لحقوق الإنسانDéclaration universelle des Droits de l’Homme سنة 1948 بقصر chaillot بباريس والذي كان الفرنسي Rene cassin احد محرريه حيث اقترح كلمة Universelle بعدما كانت عدة مصطلحات متداولة من شأنها تقزيم هذه الوثيقة الدولية.
فرنسا الجنرال ديغول وبعد نظره وميتران وحكمته وشيراك ونخوته . ها هي تعبث بها شعبوية ماكرون وتطرف بارديلا وسقوطها المحتمل في يد المتطرفين هي مسالة وقت فقط.
في انتظار وصول القهوة، فاجئني هلع – صديق عزيز- مقيم ببلجيكا- من التصريح الأخير Jordan Bardella
المرشح الأكثر حظا لتولي منصب الوزير الاول بفرنسا. الذي قال إنه سيحدد بمرسوم بعض الوظائف والمناصب التي لا يمكن ان يتولاها مزدوجي الجنسية..
ولعل خطورة هذا التصريح لا تكمن في اجرأته او إمكانية تفعيله المستبعد. ولكن في بعده الثقافي لأنه يحسم مع وحدة المجتمع والدولة ويفتح باب جهنم على فرنسا .
في صيف 2003 استقبلت بمقر عملي أحد المواطنين الذي جاء يستفسر عن الأوضاع بالمغرب، وعن إمكانية العودة للاستقرار به بعد أكثر من 30 سنة قضاها بباريس. واضاف بفرنسية رفيعة:”
غادرت المغرب بعد حصولي على الباكلوريا بليسي اليوطي والتحقت بالعاصمة الفرنسية فوجدت المغاربة هناك، إما طلبة مناضلين بالجامعة أوعمال بالمناجم وبمصانع السيارات. وحينها كنت لا أكن ودا لا للمناضلين ولا للعمال. فاخترت لنفسي حياة الفرنسيين وقطعت اية علاقة لي مع المغاربة ومع المغرب، تخرجت مهندس تجنست وتزوجت فرنسية زواجا مدنيا، وكنا معا لادينيين وعندما رزقت بولدين لم اختر لهما اسمين لا عربيين ولا أمازيغيين.لا حرام عندنا فيما نأكل أو نشرب. أما زيارتي للمغرب لم تكن إلا كسائح فرنسي. وطبعا كل علاقاتي الاجتماعية والمهنية كانت مع الفرنسيين. فجأة وقع ما وقع بنيويورك وواشنطن يوم 11 شتنبر 2001 . وبقدر ما اهتزت نيويورك اهتزت الارض تحت قدمي. فلم تعد نظرات الزملاء في العمل هي هي، ولا كلام الجيران هو هو، وفي المساء عندما أبنائي من المدرسة يحكيان بألم، عن تنمر هنا وكراهية هناك. مرة من التلاميذ وأخرى من الاستاذ. حينها تساءلت ماذا يريد هؤلاء اكتر مما فعلت؟ اي مستقبل هنا؟ ألهذا الحد كان اندماجي هشا ومن جانب واحد؟”.
اما الشاب اليافع Jordan Bardella، سواء صار رئيسا للحكومة المقبلة أم لا، فجد Guerino من جهة الأب ذو الثمانين سنة، والذي اختار الإسلام دينا وحكيمة زوجة والشاي بعد العصر بمقاهي بوركون بالبيضاء استراحة، سيبقى معززا ومكرما بيننا حيا وميتا بعد عمر طويل.