حزينات نحن..”ماما عائشة” ماتت…

الأمهات العازبات أصبحن يتيمات، كان يلقّبنها بـ “ماما عائشة” لأنها أنقذتهنّ، كما مئات الأمهات والأطفال قبلهنّ، من الضياع.
وهبَت عائشة الشنا حياتها للعمل الجمعَوي لدعم الأمهات العازبات منذ أن عاشت موقفًا لم يغادر ذاكرتها منذ أربعين عامًا.
‘ابن الحرام هذا بيعيه أو ارميه فهو ليس من شأننا’
تقول: “ذات مساءٍ من مساءات الشتاء الممطرة عام 1981، كنتُ عائدةً إلى العمل من عطلة الإنجاب. دخلتُ مكتب المساعِدة الاجتماعية، فوجدتُ أمًا تحمل طفلها وترضعه من حليبها، وقد بدا على هيئتها أنها من البادية. كانت تخبر المساعِدة أن عائلتها طردتها لأن طفلها جاء ثمرة علاقةٍ من دون زواج، وقالوا لها بالحرف: ‘هاد ولد الحرام بيعيه ولا رميه حنا ماشي سوقنا”‘”
تستذكر عائشة الشنا بمرارةٍ أن الأم لم تكن تريد لطفلها التشرّد، فقرّرت التخلي عنه أملًا في أن تتولى الدولة رعايته. يومها، أمرَتها المساعِدة بالبَصم على وثيقةٍ تأكيدًا لقرارها التخلّي عن الطفل، ثم انتزعَته من بين ذراعَي أمّه وهو لا يزال يرضع من ثديها، ففاض بعضٌ من الحليب على وجهه وصرخ صرخةً ظلت ترنّ في أُذن عائشة حتى آخر رمق.
رحلت اليوم، عائشة الشنا، عن عمر يناهز الـ 82 سنة بمستشفى الشيخ زايد بالدار وكانت قد أدخلت المستشفى قبل يومين إثر مضاعفات صحية على مستوى الجهاز التنفسي، حيث خضعت للعلاجات الضرورية، إلا أنها أسلمت الروح إلى بارئها بعد فشل جميع المحاولات.
وداعا أيتها المرأة التي وقفت بقوة في وجه الظلام والنفاق الاجتماعي، بناتك اللواتي احتضنتهن اليوم يتيمات. فلترقدي في سلام وسكينة عائشة الشنا عنوان الإنسانية في وجهها المشرق. إنا لله وإنا إليه راجعون.