أنجيلا ميركل في حفل وداعها: الثقة رصيد مهم في السياسة…
كسبت ثقة الألمان فودعوها بالورود والتصفيق...

في حفل وداعها، غالبت أنجيلا ميركل دموعها وهي تستمع للأغنية االتي عزفت للمناسبة، “فلتمطر السماء ورودا حمراء من أجلي”، وهي أغنية ألمانية طرحت بالأسواق في القرن الماضي.
وتقول كلمات الأغنية “عندما كان عمري 16 عاما، قلت بهدوء: أريد أن أكون كبيرا.. أريد أن أفوز.. أريد أن أكون سعيدا لا أكذب أبدا”، وتتابع “عندما كان عمري 16، قلت بهدوء: أريد كل شيء أو لا شيء”.
وبعد العزف، ألقت ميركل خطاب وداع، قالت فيه:
“أشعر بالامتنان والتواضع. التواضع أمام المنصب، والامتنان على الثقة.. كنت أدرك دائمًا أن الثقة رصيد مهم في السياسة، وأشكركم من أعماق قلبي عليها.
وتابعت “كانت السنوات الـ 16 التي شغلت فيها منصب المستشار الاتحادي مليئة بالأحداث وكثيراً ما كانت مليئة بالتحديات. لقد تحدتني هذه السنوات سياسياً وشخصياً وفي نفس الوقت كانت دائماً تشبعني”.
وأضافت: “لقد أظهر العامان الماضيان من الوباء على وجه الخصوص بعدسة مكبرة، مدى أهمية الثقة في السياسة والعلوم والخطاب الاجتماعي، وأيضًا مدى هشاشتها”.
وودعت ألمانيا كلها “أنجيلا ميركل” مع ست دقائق من التصفيق الحار في الشوارع والشرفات والنوافذ، صفق البلد بأكمله لمدة 6 دقائق، مثال رائع للقيادة والدفاع عن القيم الإنسانية.
انتخبها الألمان لقيادتهم وقادت 80 مليون ألماني لمدة 16 عاما بكفاءة ومهارة وتفاني وإخلاص.
لم تتفوه بالهراء. لم تظهر في أزقة برلين لتصويرها، أطلق عليها لقب “سيدة العالم” و”المرأة الحديدية”.
لقبها اللاجئون السوريون ب ” ماما ميركل ” و”ملاك الإنسانية، فكانت الوحيدة التي فتحت أبواب بلادها لهم، بعدما تخلى العالم عنهم وفي أصعب الظروف، كما تعهدت أيضا باستقبال مليون لاجئ جديد.
قالت جملتها الشهيرة ( نستطيع أن ننجز ذلك ) تعليقا على قدرة بلادها على إدارة أزمة اللاجئين، كما قالت لست نادمة على قراراتي الإنسانية أبدا التي تمثل قيمنا ومبادئ الشعب الألماني بالاستقبال اللاجئين الهاربين من الحروب في بلادهم.
خلال هذه السنوات الستة عشر من قيادتها للسلطة في بلدها لم تسجل أي تجاوزات ضدها، لم يتم تعين أيا من أقاربها في منصب حكومي، لم تدعي أنها صانعة الأمجاد، لم تحصل على الملايين مقابل خدماتها ولا أحد يهتف بأدائها، ولم تحصل على المواثيق والتعهدات من أحد.
تركت ميركل قيادة البلاد وسلمته لمن بعدها وألمانيا والشعب الألماني في أفضل حالة على الإطلاق، فوقفت ألمانيا كلها كجسد واحد يودعها في مشهد لن تنساه ألمانيا أبدا.
لم تغريها الموضة أو الأضواء ولم تشترِ العقارات والسيارات واليخوت والطائرات الخاصة وغيرها. وطيلة ستة عشر عاماً لم تغير خزانة ملابسها أبداً.
في مؤتمر صحفي ، سألت صحفية ميركل: نلاحظ أنك ترتدي نفس البدلة، أليس لديك أخرى؟
فأجابت: “أنا موظفة حكومية ولست عارضة أزياء”.
وفي مؤتمر صحفي آخر سألوها: هل لديك خادمات ينظفن منزلك ويحضرن وجباتك وما إلى ذلك؟ كانت إجابتها: لا، ليس لدي خدم ولا أحتاجهم، أنا وزوجي نقوم بهذا العمل في المنزل كل يوم.
ثم سألوها: * من يغسل الثياب أنت أم زوجك؟ أجابتهم: “أنا أرتب الملابس، وزوجي هو الذي يشغل الغسالة، وعادة ما يكون في الليل، لأن الكهرباء متوفرة ولا يوجد ضغط عليها والأهم هو الدخول في الغسالة” حساب الإزعاج المحتمل للجيران، والحمد لله الجدار الذي يفصل شقتنا عن الجيران كثيف، فقالت لهم: توقعت منكم أن تسألوني عن النجاحات والفشل في عملنا في الحكومة ؟؟
تعيش السيدة ميركل في شقة بالطابق الرابع والأخير في بناية تعود إلى القرن التاسع عشر، فيما لا توجد أسوار حولها كما أنها تفتقر إلى فناء أو حديقة، تعيش فيها إلى الآن كأي مواطن عادي في هذه الشقة قبل انتخابها مستشارة ألمانيا لم تتركها ولا تملك فيلا ولا خدم ولا حمامات سباحة ولا حدائق ولا أواني فضية ولا أيا من مظاهر البذخ.
هذا هو معنى الوطنية وخدمة الشعب والوطن !!
فما أروع أن يخدم المسؤول شعبه ووطنه بأمانة ووطنية خالصة وإخلاص.