جميلة والوزير ..

عزيز الرويبح
محامي
حملت أسرارها و أحزانها و آلامها و لطفها و سنوات تعبها و رحلت إلى العالم الآخر…أكيد أنها ظلت ثابتة في مكانها بلا تأمين و لا تقاعد وظل هو أمامها يتسلق المناصب و يلقي الخطب و يفتي في الدين و السياسة ..”.يتكستم”” يتجلبب” ، يتجمل، يتزين، يسافر، يؤم، يذبح نيابة عنا جميعا ….يحارب الإثراء المشروع و غير المشروع يحارب اليسار و اليمين و لا يهمه في الكون سوى مثل دعوات الفقيه الشيخ العلامة المغراوي صاحب الكتاتيب القرآنية و الفتاوى العجيبة..
يظهر بمظهر من يحرص الأخلاق و القيم من الفجر الى اخر الليل! .يقبض و يغرف من خزينة الدولة الذهب و الفضة و اللؤلؤ و المرجان و فائض” الربى” و الفوائد و يمتطي فخامته، أحصنة و خيولا لا تعد و لا تحصى خيول أحالها “الكفار ” الألمان !لى سحر مبين في هيئة ناقلات تحمل ماركة المرسديس الشهيرة..
سيارات تمشي على أربع، لماعة.. براقة مختالة تسير و تسر الناظرين، غسيلها و موردها و عطرها و سائقها و صهيلها و موْقدها ومعقلها، من بيت مال المسلمين؛ خزينة الدولة بمنطق الحداثيين و المعاصرين..
ولأنه يؤمن بالقضاء و القدر أكثر منا! و بأن الأرزاق و المناصب و الكراسي؛ كما يرى تسقط موزعة من السماء، فانه ربما رأى أن جميلة كاتبة لا تحتاج إلى تأمين و لا إلى تقاعد و ربما قدر و قرر انه يكفيها” فخرا “ أنها تعمل في مكتب الفقيه و الإمام و المناضل الثوري وزير حقوق الإنسان! و إن ماتت و ثار في وجهه ذوي الحقوق فالتسويات ممكنة
و الحج في زمن الكرونا يغفر الذنوب، كلها على المقعد و بكل مقاييس الفورية القاتلة..
أكيد سيبرر فعلته و يعتبر فضحه، هجمة سياسية من خصومه السياسيين؛ لتشويهه و النيل منه و من حزبه خدمة لأجندات “معلومة “…و قد يصرخ في وجهنا و ما شأنكم انتم؟؟
إنها “كاتبتي” و” مساعدتي” و لست المحامي الوحيد الذي يحرم مستخدميه من شروط العيش الآمن الكريم ..لست المحامي و لا الباطرون الوحيد الذي يمتطي آخر السيارات و كاتبه او كاتبته” تكرفح “و تمشي الكلمترات من الطرقات و الأدراج و المكاتب و الأبناك والمؤسسات والصناديق و الإجراءات و الرقن و الطبع و الترتيب و” التنظيف” …
و.بالحد الأدنى للأجر في أحسن الحالات..
لن يستقيل المحامي السيد الوزير من منصبه و لن يقيله أحد و لن يحاسبه أحد و لن ينظر إلى منصبه كظرف تشديد و أن مسئولياته السياسية و الحزبية تقتضي مسائلته قانونيا و قضائيا و أخلاقيا؛ ليس لأنه ضبط متلبسا بممارسة عنف قانوني ممتد في الزمن؛ مبني على النوع ضحيته امرأة.. عنف يقارب في شكله و طبيعته بعض أنواع الاستعباد و الاستغلال …بل لأنه يعطي صورة سيئة على المحامين و المحاميات و في نفس الآن يعطي القدوة السيئة للغير و فوق هذا وذاك يجعلنا نشك في نزاهته الفكرية و الأخلاقية و السياسية و هو يدبر مرفقا عنوانه حقوق الإنسان …!
و تبقى كل تسوية بعد رحيل الضحية غير ذات معنى و لا تنفي و لا تلغي أن وزيرا في مغرب القرن الواحد و العشرين انتهك حقا من الحقوق الأساسية لمستخدمته بشكل ممنهج و لمدة 24 سنة..
رحم الله جميلة و تحية لكل الكاتبات و الكتاب شكرا لهم و لهن و عاشت المحاماة في انحيازها للضعفاء رمزا للمروءة و الكرم و العطاء..