صرخة من برنابيو:صفارة البداية التي أوجعت القلب

بين زلزال الحوز وملاعب المونديال: مغرب بسرعتين
بقلم: نجيب كومينة
في افتتاح مباراة ريال مدريد وإسبانيول برشلونة بملعب “سانتياغو برنابيو”، قامت الريال بمبادرة إنسانية لافتة، حين منحت عبد الرحيم، أحد ضحايا زلزال الحوز الذي فقد أفراد أسرته، شرف إعطاء إشارة انطلاق المباراة أمام جمهور غفير.
المبادرة ذكّرت العالم بمأساة الزلزال الذي خلّف ضحايا كثر، لكنها ذكّرت أيضًا بتضامن المغاربة في تلك اللحظة القاسية، وبقدرة الدولة المغربية على تدبيرها بكفاءة عالية، دون حاجة كبيرة إلى دعم خارجي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: لماذا لم تنجح الدولة المغربية في تجاوز مخلفات زلزال الحوز بنفس الكفاءة، أو بنفس النفس الذي أنجزت به ملاعب كرة القدم المرشحة لاحتضان كأس إفريقيا للأمم على المدى القريب، وكأس العالم على المدى المتوسط؟
كلنا نعتز بإنجازات بلادنا في هذا المستوى أو ذاك، ونفرح لتحسّن سمعتها وموقعها، ولانتصاراتها الدبلوماسية والرياضية وغيرها. لكن لا يسعنا أن نفرح بانفصال هذه الإنجازات عن مجتمعنا، أو بتحولها إلى ذريعة تُخفي ما يشكّل خطرًا على التعايش المشترك حاضرًا ومستقبلًا.
فمغرب يسير بسرعتين، وتتسع الهوة بين طبقاته وفئاته الاجتماعية، ويتعمق فيه منطق “الغيتوهات”، هو مغرب خطير. ولا ننتظر أن ينتبه إلى هذه الخطورة الغارقون في لذّة اللحظة، والغافلون عمّا يعتمل في المجتمع والعالم، والمنعزلون في غيتوهات الغنى الفاحش والرفاه المطلق، والانتهازيون الذين يزيّنون ما لا يُزيَّن، ويورّطون البلاد في الغرور.
تصرف ريال مدريد الراقي، حتى وإن كان ذا بعد تواصلي، أبكاني، وذكّرني على المستوى الشخصي بما قامت به ابنتاي، وخاصة أصغرهن، التي رافقت الأطفال في عين المكان بعد الزلزال، وحاولت، بما تستطيع، أن تنعش أرواحهم بورشات رسم وأنشطة طفولية.
فالضحايا لا يمكن أن نتعاطف معهم بالكلام الفارغ أو بالمواقف المدفوعة الأجر من طرف دول ومنظمات دولية. فذلك لا يلبث أن ينكشف، ويُظهر انتهازية باردة، ومتاجرة بالشعارات.