انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
ثقافة وفنون

“الحرب بوسائل أخرى” للفرنسية كارين تويل

رواية عن السلطة، والحب، والإدمان

بقلم: نور الدين الزويني

تدور أحداث رواية “La guerre par d’autres moyens” (الحرب بوسائل أخرى)، وهي أحدث عمل روائي للكاتبة الفرنسية كارين تويل (Karine Tuil)، حول وضعية رئيس جمهورية سابق، دان ليهمان (Dan Lehman)، لم يُعد انتخابه لولاية ثانية. تغوص الرواية في أعماق حالته النفسية، بعد أن فقد المكانة والسلطة التي كان يتمتع بها وهو في قمة الهرم السياسي والاجتماعي ببلده.

تتفرع الرواية إلى قصص متقاطعة، تسلط الضوء على شخصيات أخرى تعاني بدورها من محاولة إعادة التموقع داخل المجتمع، كلٌ حسب معاناته وماضيه. من بين هذه الشخصيات، هيلدا مولير (Hilda Muller)، زوجة الرئيس الجديدة، وهي ممثلة في الأربعينيات من عمرها تعاني تراجعًا في مسيرتها الفنية. تحلم بالعودة إلى الواجهة من خلال دور رئيسي في فيلم مقتبس من رواية كتبتها الزوجة الأولى للرئيس، ماريان باساني (Marianne Bassani).

أما ماريان، الكاتبة التي تجاوزت الخمسين، فتحاول هي الأخرى أن تعيد تشكيل ذاتها من خلال الكتابة بعد تجربة الطلاق. في هذا السياق، تحضر بقوة ثيمة الحب، سواء بصيغته الحقيقية أو الجسدية، حيث يعيش دان ليهمان ندمًا عميقًا بعد خسارته السياسية وانفصاله عن ماريان التي كانت تجمعه بها علاقة فكرية وعاطفية حقيقية، قبل أن يهجرها لأجل امرأة أصغر سناً سعى من خلالها إلى تحقيق مجد اجتماعي وإعلامي.

تتطرق الرواية أيضًا إلى موضوع الإدمان، باعتباره آلية للهروب من ضغوط الحياة الحديثة وتوحش المجتمع. فبعد إخفاقه السياسي وتدهور علاقاته الشخصية، يسقط دان ليهمان في دوامة الكحول، محاولًا إخفاء إدمانه دون جدوى. كما تتعاطى زوجته هيلدا أدوية مضادة للاكتئاب، فيما لا تفارق المخدرات حياة مخرج الفيلم، رومان ليسون (Romain Lézone)، الذي تشارك فيه هيلدا بدور رئيسي، ويُرشح للمسابقة الرسمية بمهرجان كان السينمائي.

أما قضية المرأة، فتمثل محورًا جوهريًا في الرواية، من خلال النماذج الثلاثة: ماريان التي تمثل النساء في الخمسينيات، وهيلدا التي تعكس أزمة التقدم في السن في صناعة السينما، وليوني (Léonie)، ابنة دان وماريان، وهي شابة ذات 24 عامًا منخرطة في النضال النسوي، تدافع عن المساواة وتنتقد الامتيازات الذكورية.

تُبرز كارين تويل أهمية الأدب والفن كمساحات للتحرر الشخصي واستعادة الذات، خاصة في شخصية الكاتبة ماريان، التي تشكل القراءة والكتابة بالنسبة لها سلاحًا لمواجهة الانكسارات، وتجاوز صدمة الطلاق، وتقبل التحولات الجسدية والعاطفية المرتبطة بتقدم العمر.

إنها رواية تسبر أغوار الصراعات الخفية في عالم السلطة، والتحديات النفسية والوجودية التي تعقب خسارة المنصب والنفوذ، وتأثير ذلك على العلاقات الشخصية والعائلية. شخصيات الرواية تعيش تحت ضغط مستمر، خوفًا من التراجع أو النسيان، في واقع لا يرحم، حيث يختلط الطموح بالخوف، وتتحول الهشاشة الداخلية إلى إدمان، أو عزلة، أو مقاومة أدبية وفنية.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا