انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

في أول لقاء بينهما… “ترامب وقع في غرام ممداني”

لم يكن المشهد في البيت الأبيض مجرد لقاء بين رئيس أمريكي وعمدة نيويورك القادم؛ بل كان حدثاً استأثر باهتمام الإعلام الأمريكي وأعاد إلى السطح سؤالاً أعمق حول مزاج السياسة في الولايات المتحدة. المذيعة في MSNBC لخّصت اللحظة بطريقتها حين قالت إن ترامب بدا “واقعاً في غرام ممداني”. جملة قد تبدو غير مهنية، لكنها التقطت ذلك الدفء غير المعتاد في لغة الرئيس، وهو يكرر أمام الصحفيين أنه يريد لهذا الشاب أن ينجح، وأنه سيساعده، وأنه قادر على صنع أشياء ضخمة.

اللافت أن البيت الأبيض لم يشهد منذ مدة مثل هذه الكثافة الصحفية. ترامب نفسه عبّر عن دهشته قائلاً إن رؤساء وملوكاً يزورون المكتب البيضاوي فلا يجدون ربع هذا العدد من الصحفيين. بدا وكأن واشنطن كانت تترقب اللقاء باعتباره أول اختبار لشخصية ممداني في لحظة مواجهة مع ترامب، الرجل الذي لا يلين عادة أمام خصومه ولا أمام المختلفين معه فكرياً.

منذ بداية مشواره السياسي، انجذب ترامب إلى «الرجال الأقوياء». لم يُخف إعجابه ببوتين أو كيم جونغ أون أو ببعض الحكام العرب. وفي هذا اللقاء، بدا واضحاً أنه وجد في ممداني شيئاً من هذا النمط: رجل يقف بثبات، لا يتهرب من أفكاره، ولا يخشى حضور ترامب الطاغي. صحيح أن المشهد الأول أوحى بأن العمدة الشاب مجرد موظف يقف إلى جوار رئيسه، لكن ما إن بدأ الحديث حتى تحوّل مركز الجاذبية نحوه. تحدث بثقة تفرض الاحترام، لا بالصوت العالي ولا بالاستفزاز، بل بالهدوء الذي يصدر عن شخص يعرف ما يريد.

أما ترامب، فهو السياسي الذي لا يؤمن بثبات المواقف. بالأمس وصف ممداني بالشيوعي، واليوم يقول إنه رجل عقلاني ويتفق معه في أمور كثيرة. إنه نموذج للبراغماتية المطلقة التي لا تستقر على رأي ولا ترى في التصريحات سوى ضريبة لحظة عابرة. ولذلك اتسعت ابتسامته حين سأله صحفي عن وصفه السابق له بالفاشي. قاطعه الرئيس، ولمس ذراعه قائلاً: «لا داعي أن ترد». رجل يقول ما يشاء ويقبل من الآخرين ما يشاؤون، لأنه ببساطة لا يعطي للكلمات وزناً دائماً.

الانسجام بين الرجلين قد لا يدوم طويلاً، كما يقول العديد من المعلقين في واشنطن. فاليوم هناك تبادل ودّ، وغداً قد تتغير النبرة حين يبدأ ممداني تنفيذ أجندته الاشتراكية داخل نيويورك. لكن المؤكد أن العمدة الجديد قدّم نفسه بصورة مدهشة؛ فهو قادر على لمس الناس، من العامة إلى النخبة، دون أن يساوم على قناعاته ودون أن يتعالى على أحد. في زمن يكره فيه الأمريكيون الخطاب الخشبي، تبدو الصراحة والشجاعة الأخلاقية رأس ماله الأكبر.

اللافت أيضاً أن كلمة «اشتراكي» فقدت كثيراً من رعبها السياسي. فها هو الاشتراكي نفسه يكسب احترام ترامب، الرأسمالي الأشهر، ويبدو قادراً على إعادة تعريف المسافة بين اليسار واليمين داخل أمريكا. وربما يفتح هذا الباب أمام الديمقراطيين لإعادة التفكير في خطابهم الاقتصادي، خصوصاً أمام جيل شاب أنهكته تكاليف العيش.

أما السؤال حول مستقبل ممداني خارج نيويورك، فقد أجاب عنه بجملة قصيرة قال فيها إن تركيزه الآن هو على المدينة وحدها. لكن ترامب ضحك، وكأنه يرى في هذا الشاب مشروعاً أكبر من مجرد عمدة، مهما حاول التقليل من شأن الأمر. كل ذلك جرى دون أن يثير أحد قضية دينه أو أصوله، رغم أنها كانت محور الهجوم عليه خلال الحملة. وكأن أمريكا قررت لوهلة أن تنظر إلى الرجل بما يفعله لا بما يؤمن به.

هذا اللقاء لم يكن مجرد حدث سياسي، بل كان درساً في مزاج اللحظة الأمريكية: بلد يبحث عن الصدق، وعن خطاب مباشر، وعن شخصيات لا تخاف. ممداني قدم نفسه بهذه الصفات، وترامب بدا مستعداً ـ ولو مؤقتاً ـ لمنح الاحترام لمن يفرضه عليه. وفي زمن السياسة المتقلبة، قد تكون هذه هي المعادلة الجديدة التي ستُنتج قادة المرحلة المقبلة.

المصدر: وكالات

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا