قصة حب… ربما لم تحدث، لكنها تستحق أن تُروى

أغرب قصة حب لا تصدق في التاريخ

قد لا نجد وثيقة رسمية تؤكد كل تفاصيل هذه الحكاية، وقد يكون بعضها أقرب إلى الأساطير التي يصنعها الخيال الجمعي أكثر مما تصنعه الوقائع. ومع ذلك، تظل هذه القصة، سواء كانت حقيقية تمامًا أو منسوجة بخيوط الحلمو الرومانسية،  واحدة من أجمل قصص الحب التي تستحق أن تُروى. لأنها تحمل ذلك اللمعان النادر الذي يجعلنا نؤمن بأن الصدف قد تغيّر مصائر البشر، وأن رسالة بسيطة داخل زجاجة يمكن أن تعبُر محيطًا لتفتح باب حياة كاملة.

في ركن قصة حب تُروى، نقدّم لكم حكاية يكتبها البحر والقدر معًا: قصة أوكي وبولينا.

رسالة إلى شخص جميل وبعيد

في عام 1956، كان البحّار السويدي أوكي فيكينغ يجوب المحيط الأطلسي وحيدًا على ظهر سفينته، لكنه تلك الليلة شعر بحاجة غريبة إلى الحديث مع العالم، إلى أن يُسمَع صوته في مكانٍ ما. فأخرج ورقة صغيرة وكتب عليها بخطٍ بسيط ومؤثر:

“To someone beautiful and far away.”

(هذه إلى شخص جميل وبعيد)

كتب اسمه وعنوانه، ثم طوى الرسالة ووضعها داخل زجاجة، وألقاها في البحر كمن يودع سرّه للأمواج. لم يتوقع أبدًا أن تتحول تلك الزجاجة إلى بداية حكاية عمر.

بعد شهور طويلة من الرحلة عبر التيارات، وصلت الزجاجة إلى شاطئ قرية على جزيرة صقلية في جنوب إيطاليا. كانت فتاة في الـ17 تُدعى بولينا بوتزو تتمشّى على الشاطئ عندما لمحت الزجاجة تتأرجح بين الرمال. فتحتها بدافع الفضول، وقرأت تلك الكلمات القصيرة التي لامست قلبها كهمسة من عالمٍ بعيد.

تأثرت بولينا كثيرًا، وشعرت أن الرسالة موجّهة إليها حقًا. كانت تعيش في بيت متواضع وسط بساتين البرتقال، تُحب البحر مثل أبيها الصيّاد، وتحلم بحياة مختلفة. فقررت أن تردّ على الرسالة، وكتبت إلى البحّار المجهول عن حياتها في قريتها، وعن النسيم الدافئ وأصوات القوارب التي تعود عند الغروب.

حين تلقّى أوكي الرد، لم يُصدق أن البحر ردّ عليه فعلًا.

وهكذا بدأت بينهما مراسلات استمرت عامين كاملين. كانا يتبادلان الرسائل المليئة بالتفاصيل الصغيرة: هو يحكي لها عن البرد القارس في السويد وعن الليالي الطويلة وسط البحر، وهي تحكي له عن دفء الشمس الإيطالية وعن عبير زهور البرتقال في الربيع. ومع كل رسالة، كان خيط غير مرئي يربط بين قلبيهما أكثر فأكثر.

وفي عام 1958، اتخذ أوكي القرار الذي سيغيّر حياته للأبد.

أبحر إلى صقلية ليقابل صاحبة الرسالة التي أعادت له الحياة. وعندما وصل إلى الميناء، كانت بولينا هناك، تنتظره بخجل. التقيا للمرة الأولى، لكن كأنهما يعرفان بعضهما منذ عمرٍ كامل.

في أكتوبر من نفس العام، تزوجا في صقلية، في حفل بسيط لكنه مليء بالحب والدهشة. الصحف الإيطالية والسويدية كتبت عن قصتهما، وسمّتها:

“أجمل رسالة حب كتبها البحر.”

بعد الزفاف، انتقلت بولينا مع أوكي إلى السويد، حيث عاشا حياة هادئة مليئة بالمودة. أنجبا ثلاثة أطفال، وظلا متزوجين لأكثر من 43 عامًا حتى وفاة أوكي في عام 2001. ومع مرور السنين، ظلت بولينا تحتفظ بالزجاجة الأصلية والرسالة على رف بجانب المدفأة، كتذكار لبداية حكاية لا يكتبها إلا القدر والبحر معًا.

قصة أوكي وبولينا ليست مجرد حكاية حب، بل عبرة عن أن أبسط الإشارات، حتى زجاجة في بحرٍ واسع، قد تغيّر مصير إنسانين إلى الأبد.

Exit mobile version