وردة وبليغ حمدي:الحب اللي كان

قصة وردة وبليغ ليست مجرد قصة حب تروى، بل هي إرث فني جميل، حيث كانت أغانيهما انعكاسًا صادقًا لمشاعرهما. تركا وراءهما مجموعة من الأعمال التي تظل شاهدة على هذا الحب الكبير.

الشرارة الأولى

تُعتبر قصة حب نجمة الغناء العربي وردة الجزائرية، والموسيقار المصري بليغ حمدي، من أشهر وأجمل قصص الحب في الوسط الفني العربي، وتحولت إلى أسطورة يعرفها عشاقهما في العالم العربي كله، حيث عشق بليغ وردة بجنون وطلب يدها من والدها، لكن طلبه قوبل بالرفض، وبعدها سافرت المغنية الشابة إلى بلدها الأصلي الجزائر برفقة عائلتها، وتزوجت مسؤولًا كبيرًا في الجيش، واعتزلت الغناء لتتفرغ لتربية ابنها وابنتها منه.

لكن عشقها للفن لم يخفت، وظلت أغاني بليغ تصل إليها كرسائل حب واشتياق، تعبر المسافات إليها عبر أجمل الأصوات، وعلى رأسها أم كلثوم في أغاني مثل “سيرة الحب”، و”بعيد عنك” وغيرها.

أم كلثوم مرسول الحب بين وردة وبليغ

وصفت أم كلثوم بليغ، ب”مجنون فن ونهر متدفق”. ويحكى أنها استدعت في احدى المرات، الصديق الأقرب لبليغ حمدي الإعلامي القدير وجدي الحكيم وقابلته بحفاء شديد قائلة له: “أنا شاكة في أمرك من زمان بس دلوقتي اتأكدت، انك ساعدت صاحبك بليغ حمدي في توظيف صوتي رسائل حب لوردة الجزائرية، لأنها متجوزة وعايشة في الجزائر وصاحبك واقع في غرامها”. ثم أكملت بسرعة قائلة: شوف أغنية «انساك يا سلام انساك ده كلام» وغيرها، وآخرها تيجي انت تقنعني احط صوتي رسالة في بداية اغنية «بعيد عنك» يعني اشتغل «مرسال غرام» بينهم.

زواج الحب والإبداع:

قاومت وردة حبها وحاولت نسيان بليغ، لكنها لم تصمد طويلا، واستسلمت لمشاعرها، فطلبت الطلاق وكان الثمن باهظا حرمانها من رؤية طفليها.

عادت للقاهرة سنة 1972 وتزوجا سنة 1973، واحتفل الثنائي بزفافهما في جو فني ضخم حضره أشهر نجوم الزمن الجميل. وأصبح زواجهما مصدر إلهام للكثيرين، خاصة وأن علاقتهما كانت مليئة بالشغف والإبداع الفني، حيث أبدعا معًا، بحوالي 150 أغنية. خلال زواجهما، كان بليغ يلحن أجمل أغاني وردة، ومن أبرزها:

-“العيون السود”

-“خليك هنا”

-“حكايتي مع الزمان”

-“بعيد عنك حياتي عذاب”

-“من بين ألوف”

الانفصال:

رغم الحب الكبير بينهما، انتهى زواجهما بالطلاق بعد 7 سنوات فقط. كان السبب الأساسي للانفصال هو الحياة العاطفية العاصفة، حيث كان بليغ معروفًا بطبيعته غير المستقرة التي أثرت على علاقتهما. وبسبب ما كان يشاع حول علاقات نسائية محتملة للملحن الكبير، لكن ما بينهما كان أكبر من مجرد زواج، فظّلا صديقين حميمين، كما كان آخر ألحانه من نصيبها: أغنية” بودعك” التي ودعا بها تعاونًا فنيًا وقصة حب تروى ومع ذلك، ظل الحب والاحترام متبادلين بينهما حتى بعد الطلاق.

حتى بعد انفصالهما، واصل بليغ تلحين الأغاني لوردة، واستمرت علاقتهما الفنية، مما يثبت أن الحب بينهما لم ينطفئ أبدًا. كان بليغ دائمًا يعتبر وردة “حب حياته”، وظلت هي تذكره بكل خير حتى بعد وفاته.

” بودعك”

تقول وردة في أغنيتها التي ودّعت بها بليغ:

بودعك وبودع الدنيا معك

جرحتني قتلتني غفرت لك قسوتك

بودعك من غير سلام

ولا ملام ولا كلمة مني تجرحك”

بودعك من غير سلام

ولا ملام ولا كلمه منى تجرحك

أنا .. أنا .. أنا أجرحك

باسم الآلام ارحل قوام

حبى الكبير ح يحرسك فى سكتك

 قبل النهاية المأساوية

رحل بليغ حمدي في عام 1993، وتأثرت وردة برحيله بشكل كبير. في تصريحاتها الأخيرة، كانت تشير إلى بليغ باعتباره “أكبر حب في حياتها”. وبعد رحيلها في عام 2012، بقيت قصتهما رمزًا للحب الذي لا ينتهي حتى بالموت.

قصة الحب اللي كان

يروى أن أغنية “الحب اللي كان”، والتي تعتبر واحدة من أقوى أغنيات الشجن التي غنتها ميادة الحناوي وكتبها ولحنها بليغ حمدي، كانت موجهة لوردة.

الأغنية تعبير لنهاية قصة حزينة لخصها بليغ في “الحب اللي كان” كتابة ولحن، حيث عبر خلالها عن حكاية حبه بالمطربة الجزائرية وردة، وذلك حسبما حكى المخرج جميل المغازي، صديقه المقرب، عبر قناة “دريم” مع الإعلامي الراحل وائل الإبراشي..

بدأ المغازي، حديثه عن بليغ بالإشارة لآلامه النابعة من رغبته في إنجاب طفل من وردة، التي فاجأته بطلب الطلاق، لينفذ طلبها على مضض بعد إلحاح منها.

قرار أصاب بليغ بالاكتئاب الشديد، نظرًا لعشقه لوردة، وهو ما جعله يتجه لأحد الشواطئ مرتديًا جلبابه، ممسكا بعوده، وأخذ يدندن بكلمات سجلها المغازي على أوراقه.

الحب اللي كان: أغنية اعتراف وعتاب وندم

كان ياما كان كان ياما كان

كان ياما كان الحب مالى بيتنا

ومدفينا الحنان ..

زارنا الزمان سرق منا فرحتنا

والراحة و الامان..

حبيبي كان هنا مالى الدنيا عليه .. بالحب والهنا

حبيبي يا انا يا اغلى من عينيٌه .. نسيت من انا

انا الحب اللى كان .. اللى نسيته قوام

من قبل الاوان ..

نسيت اسمى كمان .. نسيت يا سلام

خاتمة:

قصة وردة وبليغ لم تكن مجرد علاقة حب عابرة، بل كانت ملحمة فنية وإنسانية ظل صداها يتردد عبر الأجيال. فرغم الانفصال، بقيت ألحانهما تنبض بمشاعر لم تذبل، وأغانيهما شاهدة على حب تحدى الزمن، ليبقى محفورًا في ذاكرة الفن العربي، وكأنهما كانا يودعان الحياة معًا بنغم لا ينتهي..

.

Exit mobile version