في هذا الركن، سنحكي اليوم عن قصة حب استطاعت أن تهزم الأعراف والقيود، لتبقى خالدة في الذاكرة وفي التاريخ… قصة ملكٍ تخلّى عن التاج ليُمسك بيد من أحب.
في تاريخ العائلة المالكة البريطانية، قليلون هم الذين كتبوا قصة حب تفوق كل الأعراف الملكية، وتحوّل حياة دولة بأكملها. الملك إدوارد الثامن، الذي تولى العرش لفترة وجيزة في عام 1936، لم يلفت الأنظار بقرارات سياسية أو إصلاحات جذرية، بل بخياره الذي صدم العالم: أن يختار قلبه على العرش.
إدوارد لم يكن مجرد أمير شاب وجذاب، بل كان شخصية مثيرة للجدل، محبوبة من العامة، مثيرة للدهشة في الوقت نفسه من أفراد العائلة الملكية. حين وقع في حب الأمريكية والمرأة المطلقة مرتين المتحررة والواسعة الثقافة، واليس سيمبسون، لم يكن أمامه خيار سهل. فقد كان الزواج من مطلقة أمراً غير مقبول في التقاليد الملكية، وكان من شأنه إثارة أزمة دستورية كبيرة.
القرار كان صعبًا: الاستمرار على العرش والموافقة على التقاليد الملكية الصارمة، أو التخلي عن كل شيء لأجل الحب. اختار إدوارد الحب. في خطوة تاريخية، تنازل عن العرش في 11 ديسمبر 1936، قائلاً في خطاب مؤثر أمام الأمة: “لم أتمكن من القيام بواجبات الملك بدون امرأة إلى جانبي لم تكن قادرة على أن تصبح ملكة”.
الملك السابق، الذي أصبح فيما بعد دوق وندسور، عاش بقية حياته مع واليس سيمبسون بعيدًا عن السياسة والقصر الملكي، في حياة جمعت بين الحب والحرية، لكنها أيضاً حملت الوحدة والتحديات التي فرضتها عليهما الظروف.
ومنذ تلك اللحظة، بدأت حياة جديدة، بعيدة عن القصر والضغوط الملكية، لكنها قريبة من الحب الحر، من الرغبة في أن يكونا معًا بلا قيود. أصبح يحمل صفة دوق وندسور، وارتحل مع واليس سيمبسون بين فرنسا وأمريكا، حيث عاشا في حرية، مغمورين بالحب الذي اختارا أن لا يضاهيه شيء.
إدوارد عاش حبه حتى آخر يوم، لكنه ظل يتأرجح بين حنين الوطن وحرية قلبه. توفي في فرنسا عام 1972، تاركًا وراءه قصة حب خالدة، قصة تختصر معنى الجرأة والوفاء. أما واليس، فقد بقيت حية في ذكريات ذلك الحب، محافظة على وفائها له حتى رحيلها عام 1986، وكأنها تقول للعالم كله: الحب الحقيقي لا يموت، ولا يقاس بالعرش ولا بالسلطة، بل بالوفاء للقلب.