انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
حديث بسمة

ردوا لينا الكيكا.. هكذا تكلم أيمن !!

حديث بسمة/ عزيزة حلاق

من غرفة صغيرة في بيتٍ متواضع، وبلغة أبناء الحي، خرج صوت شاب مغربي يُدعى أيمن

صادفته مرة قبل أشهر، على إحدى منصّات التواصل الاجتماعي، كناشط ومؤثر على السوشيال ميديا،.

يحمل حسابه اسم “هكذا تكلّم أيمن”.

أعجبت بأريحيته؛ أخذ ركنًا على لحافٍ واستلقى عليه، يبدو في جلسةٍ مريحة، يتحدث كأنه مع نفسه. يناقش قضايا الوطن قضايا العالم، يطرح أسئلة الدين ، الوجود ، العلم…التخلف…

أعجبت أيضًا بطريقته في طرح أفكاره: يتحدث بجرأة وذكاء المتمكّن، وعمق من خبر الحياة، كأنه عاش أكثر من عمره، وقرأ الناس كما تُقرأ الكتب.

لا استوديو، لا مؤثرات صوتية، فقط فكرٌ صافٍ، وصدقُ نظرةٍ نابعة من الواقع، وجرأةٌ على قول ما يفكر فيه كثيرون ولا يجرؤون على البوح به،

بل ربما لا يملكون القدرة على صياغته وبلورته وتقديمه بالشكل الذي توفّق هو فيه.

خرج صوت أيمن، يخلط الفلسفة بالعامية، والوعي بالضحك، والسخرية بالحكمة، والسذاجة بالذكاء.

خلطةٌ عجيبة تُبهر المتابع، إذ يُبسط المعقّد، ويقرّب الفكرة بمثلٍ شعبيٍّ حينًا، وبقولة فيلسوفٍ أحيانًا أخرى.

لكن أيمن لم يعد مجرد صانع محتوى؛ لقد صار ظاهرة.

ولأن الشهرة امتحان، كان لا بد أن يدخل أيمن امتحانه الأول حين تصدّر “الترند” بردّه على أحد المتدخلين في نقاشٍ عمومي دافع فيه هذا الأخير عن الحكومة أمام احتجاجات شباب جيل Z.

ردّ أيمن بمثالٍ بسيط، بل عبقريٍّ في سذاجته، جعل المغاربة يضحكون… ويفكرون… ويرددونه حتى صار هاشتاغ: #ردّوا_لينا_الكيكة.

قال أيمن ببساطته المعهودة:

“لنفترض عطينا كيكة للحكومة، وطلبنا منها تزينها بالعسل، وانتظرنا أن تنجز ما طلبناه منها…
طال الانتظار…
لنكتشف أن الحكومة لم تكتف بعدم إنجاز ما طلب منها، أي تزيين الكيكة،
بل أكلت الكيكة كلها!”

ضحك الناس، وتناقلت الصفحات الفيديو بسرعة البرق.

لكن وراء السخرية يكمن سؤال أكبر: من أكل الكيكة فعلاً؟

هنا يتجلّى عمق فلسفته اليومية، التي “تُشبه” زرادشت في جرأته على كسر الأصنام،

لكن بأدواتٍ وخطابٍ ولغة “ولاد الوقت”: سخرية، واقعية، وعفوية تنفذ إلى القلب والعقل معًا.

لقد صار أيمن مرآةً لزمنٍ مغربيٍّ متناقض: جيلٌ متعلّم رقميًّا، مفكر بعفوية، يائس من الوعود، مؤمن بقوة الكلمة الحرة. وله الجرأة بقول لا.

وكما خرج أيمن من غرفةٍ صغيرة بصوتٍ كبير، خرج جيل Z من غرف “Discord” ومن وراء الشاشات، إلى الشارع،

ينتفض ويهتف بكلمةٍ أصبحت شعارًا لجيلٍ بأكمله:”

ردّوا لينا الكيكة.

الكيكة هنا ليست مجرد استعارة لشيءٍ حلوٍ مفقود، بل رمزٌ لثروة البلد، لحقوق الناس، وللثقة التي يضعها المواطن في يد المسؤول.

قالوا وهتفوا: “نحن لا نطلب المستحيل، فقط أن تُزيَّن الحياة ببعض العدل والكرامة…

لكن يبدو أن من يُكلَّف بالتزيين يستحوذ على الكعكة كلها، ولا يترك لنا شيئا…

أيمن، بذكائه الشعبي، جسّد ما يعجز عنه الخطاب الرسمي.

لم يصرخ، لم يهاجم، لم يلقِ دروسًا في الوطنية، بل قالها ببساطة: “الكيكة؟ باح … تّْكْلات”!!!

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا