عمر بلافريج.. ظل يلاحق جيل Z

بسمة نسائية/ ترجمة بتصرف عن

Caterina Lalovnovka

MAGHREB INTELLIGENCE

في خضم احتجاجات جيل Z، يطفو إلى السطح اسم عمر بلافريج وكأنه عائد من صمتٍ طويل. الرجل الذي اختار الانسحاب من السياسة سنة 2021، بعدما رفض الترشح من جديد وابتعد حتى عن حزبه، لم يعد جزءًا من اللعبة السياسية، لكنه صار رمزًا يُستحضر كلما اهتز الشارع المغربي.

بلافريج لم يكن نائبًا عاديًا. صوته في البرلمان كان مختلفًا، صريحًا، مدعومًا بالأرقام، بعيدًا عن لغة التوازنات والمجاملات. تحدث عن التعليم، عن الثقافة، عن الحكامة، وعن السياسة بوجهها الحقيقي. حتى حين اختار أن يخاطب الشباب، لم يفعل ذلك عبر خطابات تقليدية، بل عبر البودكاست، في حوار مباشر مع جيل المدن، مع شباب يبحث عن معنى وسط فراغ عام.

اليوم، بينما يفقد كثير من السياسيين مصداقيتهم بمحاولات العودة عبر الضجيج أو المزايدات، يظل بلافريج حاضرًا بغيابه. صمته الذي دام سنوات صار في حد ذاته شهادة نزاهة. فقد اختار أن يغادر دون أن يساوم على مبدأ أو أن يركب على موجة. وهذا ما جعل اسمه يتردد الآن كظل ثقيل على مشهد سياسي مأزوم.

ارتباطه بعالم الثقافة، خاصة بمهرجان لْبُولفار في الدار البيضاء، يرسّخ صورته كشخص قريب من الشباب المتمردين، من أولئك الذين لا يجدون أنفسهم في الأحزاب ولا في مؤسسات الدولة. على منصات النقاش مثل GenZ 212، يتكرر اسمه باعتباره “الصادق” و”المختلف”، كمن يمثل لغة أخرى في السياسة: لغة مباشرة، شفافة، بلا أقنعة.

لكن الحقيقة أن بلافريج لا يبدو في وارد العودة. لم يعلق على سياسات الحكومة منذ انسحابه، ولم يبدِ أي نية لإعادة التموقع. ما يعني أن حضوره اليوم ليس مشروعًا سياسيًا بقدر ما هو رمزًا لشيء مفقود: النزاهة، الوضوح، والأمل في إمكانية ممارسة السياسة بوجه مكشوف.

جيل Z، الذي يعيش صدامًا مع الواقع القاسي، يبحث في ظل بلافريج عن صورة البديل الممكن. وربما هنا تكمن المفارقة: أحيانًا، الغياب أبلغ من كل حضور.

.

Exit mobile version