لحظة بوح أرملة الفنان الشوبي في لقاء الوفاء والعرفان:
كنت زوجاً وأباً وصديقاً ورفيقاً وفيا لتفاصيل الحياة حد الاحتراق..
صور من لقاء الصداقة والاعتراف بالفنان الراحل محمد الشوبي/ الغائب الحاضر
صور الراحل محمد الشوبي من أرشيف: زليخة
من أقوى اللحظات التي ستبقى خالدة في لقاء الوفاء والعرفان لروح الفنان الراحل محمد الشوبي، تلك الكلمة التي نطقت بها أرملته السيدة عزيزة الوزيري، بقلب يفيض حبًّا ووفاءً. لم تكن مجرّد زوجة وأمّ لأطفاله، بل كانت الحبيبة التي شاركته نبض الحياة، والرفيقة التي رافقته في كل منعطف، والصديقة التي لم تهجره في عزّ العاصفة. كانت له الحضن والملاذ، والسند في مساره الفني والإنساني، والكتف الذي احتمى به في رحلة المرض الطويلة. كلمة ألقتها بروح تفيض إخلاصًا، وكأنها تقول للعالم: إن الوفاء لا ينتهي برحيل الأجساد.
ولتظل اللحظة ناطقة بصدقها، أنقل إليكم الكلمة كاملة كما جاءت على لسان أرملته الوفية السيدة عزيزة الوزيري.
مساء الفن وتحية مخضرمة بالشكر والمحبة والتقدير
السيد نور الدين شماعو رئيس جمعية أبي رقراق
السيد عبد اللطيف العصادي مدير المهرجان
السيدات والسادة الحضور الكريم
لحظة وفاء وعرفان
لفنان متفرد بصدقه وصفائه ومتميز بعطائه اللامحدود
إنه الفنان الإنسان محمد الشوبي
بداية شكري مصول لجمعية أبي رقراق على برمجة لحظة وفاء وعرفان لروح الفنان الراحل “محمد الشوبي” ضمن فعاليات الدورة 18 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا والذي تنظمه تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده.
شكرا على هذه الالتفاتة النبيلة في هذه اللحظة الرمزية لحظة وفاء واعتراف بالمسار الفني للمرحوم محمد الشوبي الذي ظل منذ الدورات الأولى للمهرجان حاضرا مساهما في تنشيط الورشات لفائدة الشباب، كما أغنى المهرجان بحضوره الفاعل ومشاركته في حلقات النقاش والندوات التي جعلت من المهرجان منبراً للتفكير العميق في قضايا الفن والسنيما. ولقد كان صوته دائماً منحازاً للفن النبيل، ومدافعا عن قضايا المرأة والإنسان والوطن.
أيها الحضور الكريم
نلتقي اليوم بعد مرور حوالي خمسة أشهر على رحيل الغالي سي محمد حيث لا زلت أتخيل أن وفاته مجرد حلم مزعج أتوق للاستقاظ منه وأنه على سفر….
نعم نلتقي اليوم مع كل الذين يحملون خصال الوفاء والعرفان والحب في قلوبهم ومشاعرهم للمرحوم سي محمد الإنسان الخلوق، والذي حضي بكل التقدير من قبل كل من عرفه من قريب أو بعيد، فخصاله حميدة، وخلقه نبيل وعشرته جميلة، وسيرته مسك وعنبر، وسماحته على وجهه، رحمة الله عليه ورضوانه، فالموت وإن فرقنا فالحب والوفاء يجمعنا.
أيها الغالي، أردنا أن نفصل بالكلمات معناً لمقاسك وجدنا خيط الحبر عاجزاً أن ينسج ثوبا يفي تقديرك، وعندما أردنا أن نجمع لك التحية لم نستطيع أن نحصي تلويح الكفوف وجيش الخواطر المترامي كلما ذكر اسمك، وهبت كبدك للبلاد.. للحياة، للفن للأخوة الصادقة.. ووهبتك موهبتك وصدقك ووفاؤك الخلود في كل كبد، ولا زالت لحظات الحب تؤثث المشهد الفني عرفانا وتقديرا، أنت معنا وإن اختلف معنى الوجود، أنت كبير في قياس العطاء ورائع في مملكة الثقافة والجمال والفن، زرعناك وشماً فوق جبين الصدق والوفاء شموخاً تناطح بك وجه السحاب أيها الفارس النبيل الأصيل صورتك وحبك في قفص الضلوع، ستبقى بيننا وبين أجيالنا اسماً يسافر كالسهم يحصد جوائز التقدير والاحترام لا يقف عند ركح أو شاشة السنيما أو التلفزيون، ولكنه سيار مع الأيام يسافر مع نسمة صدق ووفاء ويشرق مع شمس الحرية والعطاء.
نعم في “لحظة الوفاء هذه نجتمع اليوم وقلوبنا مثقلة بالحزن تارة، لتقديم شهادة في حق فنان متفرد وانسان استثنائي، وتارة أخرى تعلو وجوهنا ابتسامة حين نستحضر شغفك وحبك للحياة ونستحضر وجهك الباسم دائما، وثغرك الممتهن للفرح والوفاء وحبك الرقراق للأصدقاء.
كنت زوجاً وأباً وصديقاً ورفيقاً وفيا لتفاصيل الحياة حد الاحتراق، وكنت فناناً حمل الفن رسالة صادقة، والتزم بقضايا وطنه وإنسانيته بكل شجاعة ونبل ووفاء.
سي محمد كان حبك للفن وللحياة يجريان في شرايينك وينظمان نبض قلبك، فكانت حياتك منارة وشعلة فنية تحب الخير للجميع كنت قريبا من محبيك وجمهورك وكنت ضميرا حيا لطالما دافعت عن قيم الحق والجمال والإنسان وكان هوسك وحلمك بوطن أسمى.
حضرات السيدات والسادة
السينما كما كان يقول رحمه الله هي فن الحياة ومرأة المجتمع، وخاصة حين تحمل بصمة المرأة إبداعاً، وتأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً. ويأتي المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا ليجسد هذا الحلم الجميل، في مدينة عُرفت بتاريخها ونضال نسائها، واحتضنت عبر ثمانية عشر عاماً تظاهرة رائدة أصبحت علامة بارزة في المشهد الثقافي الفني الوطني والدولي
وفي لحظة الاعتراف والوفاء هذه، لا يسعنا إلا أن نقف وقفة تبجيل وتقدير لاسم كبير من أسرة هذا المهرجان، فنان أثير الراحل سي محمد الشوبي، الذي لم يكن ضيفاً فقط، بل كان ركناً من أركانه، حيث كان يصر على الحضور في كل محطات هذا المهرجان ويسخر كل آليات اشتغاله المساندة قضايا المرأة ونصرتها ومؤازرتها في حقل السينما والفن والحياة بصفة عامة، ونستحضر على سبيل المثال لا الحصر الورشة التي كان يؤطرها صانع فيلم / مشهد ” وأيضا كتاباته في مواقع التواصل الاجتماعي حين كان ينشر بشكل مستمر عمودا وشهادات ومواقف بخصوص الفنانات والمبدعات المغربيات وغير المغربيات بشكل فني راق إيمانا منه بأهمية دور المرأة في الفن وفي كل المجالات.
لقد كان صوته دائماً صوت الفن الملتزم، وإيمانه راسخاً بدور السينما في ترسيخ قيم الحرية والمساواة والدفاع عن قضايا المرأة والوطن ينبع من قناعة راسخة بأن السينما رسالة ووسيلة للتغيير. حيث كان تواقا أن تحظى بلادنا بصناعة سينمائية حقيقية وصناعة إعلامية احترافية.
كما أنه كان اليد الممدودة للجميع، فهو لم يبخل يوما باستشاراته أو بعطائه على الشباب والشبات الذين كانوا في بداية مشوارهم الفني حيث كان مجيبا لمن طلب منه العون والدعم،
سيظل حضوره في ذاكرتهم الفنية والإنسانية ذكرى حية ورمزا للعطاء والوفاء والإبداع.
اليوم غاب عن دنيانا فنان قل نظيره، صادق كقلب طفل، نقي لا يعرف للكره سبيلا، ما في قلبه على لسانه، وما في لسانه صدق لا يحتمل الزيف. كان مثقفا حرا، يعبر عن مواقفه بعفوية تلامس جوهر الأشياء. هكذا وصفه الإعلامي الكبير عبد الحميد الجماهري.
غاب جسدا، لكن أثره باق، وذكراه ستظل منقوشة في ذاكرة هذا المهرجان، وذكراه باقية في ذاكرة عشاقه وفي قلوب كل من عرفه وشارك معه لحظات البذل والعطاء.
وفي الختام، أشكر كل من حضر وساهم في تأثيث لحظة الوفاء هذه، وجعل من وجوده بلسما لفقدنا وعزاء ومصدر قوة لنا على الاستمرار.
جزاكم الله خيراً جميعا ولتبقى شجرة الحب الوارف للفن والسنيما تظللنا وقيم الحب والسلام نبراسا لنا في هذا الوطن.