شيرين عبد الوهاب.. حين يتحول الحب إلى إدمان
حديث بسمة/ عزيزة حلاق
قصة شيرين عبد الوهاب ليست مجرد حكاية عاطفية بين فنانة وزوجها، ولا مجرد أخبار يتداولها الإعلام بحثًا عن الإثارة. ما نتابعه منذ سنوات هو صورة مكثفة عن علاقة فقدت توازنها، وأصبح الحب فيها أقرب إلى “إدمان” لا شفاء منه.
حكاية هذا الكوبل العجيب، أعادت الجدل إلى الواجهة مجددًا، وتصدر منذ أمس الجمعة، “الترند”، بعد أن أعلنت أنباء عن عودتها للمرة الثالثة، إلى حسام حبيب، في الوقت الذي أصدر فيه محاميها الخاص، بيانًا صحفيًا كشف فيه كواليس وتفاصيل دقيقة تتعلق بحالة الفنانة وظروفها الحالية، واعلانه نهاية تعامله معها..وقال إن الفنانة تعاني من أزمات نفسية وصحية، وأنها بحاجة إلى تدخل عاجل. ونبه في بيانه، أنه حاول مرارًا حمايتها من حسام حبيب الذي وصفه بأنه “حول حياتها إلى جحيم”.
يبدو أن شيرين التي غنّت للحب حتى جعلته لغة للفرح والألم معًا، وجدت نفسها أسيرة علاقة تتأرجح بين الوله والخصام، بين الانكسار والحنين. زواجها من حسام حبيب بدأ حلماً جميلاً عام 2018، لكنه سرعان ما تحول إلى سلسلة من الصراعات، خرجت من جدران البيت إلى ساحات المحاكم، ومنصات الإعلام، ثم إلى المستشفى حيث واجهت أزمتها الأخطر مع الإدمان.
فالأزمة الكبرى لم تكن الخلافات الزوجية فحسب، بل دخول شيرين في دوامة الإدمان، حيث تم إدخالها المستشفى للعلاج الإجباري بتدخل من عائلتها. هنا خرجت القصة من إطار “مشاكل عاطفية” إلى قضية تتعلق بسلامتها النفسية والجسدية. كثيرون ألقوا باللوم على حسام، معتبرين العلاقة السامة أحد أسباب انهيارها، فيما ظل هو ينفي مسؤوليته تمامًا.
ما زاد من تعقيد موقف شيرين هو تناقض تصريحاتها: تارة تتهم حسام بتدمير حياتها والاعتداء عليها، وتارة أخرى تؤكد أنها تحبه ولا تستطيع الاستغناء عنه. هذا التردد جعل جمهورها منقسمًا بين من يرى فيها ضحية علاقة سامة، ومن يعتقد أنها فقدت السيطرة على حياتها الخاصة.
وما يثير الأسى، أن شيرين لم تخسر فقط استقرارها الشخصي، بل خسرت جزءًا من صورتها أمام جمهور أحبها بصدق. تصريحاتها المتناقضة، ما بين اتهامات جارحة ثم تراجعات يائسة، جعلت المتابع في حيرة: أيّ نسخة من شيرين هي الحقيقة؟ الضحية المستغيثة أم المرأة العاشقة التي لا تستطيع الفكاك من قيدها؟
هذه الحكاية تكشف لنا هشاشة النجوم خلف الأضواء؛ كيف يمكن لشخص يملأ المسارح بالصوت والدفء أن يعيش في الداخل صراعًا مريرًا مع ذاته ومع الآخر. كما تكشف أيضًا عن نظرتنا كمجتمع، حين نحاسب المرأة على ضعفها أكثر مما نساندها في لحظات سقوطها.
السؤال ليس عن شيرين وحدها، بل عن كل علاقة حب حين تتحول إلى عاطفة سامة تُبقيك أسيرًا وحب يستنزف الروح بدل أن يغديها، فيصبح الانفصال أصعب من الاستمرار، حتى لو كان الاستمرار مؤلمًا.
فالأخصائيون النفسيون يصفون ما تمر به شيرين وغيرها من النساء، ليس مجرد قصة حب فاشلة، بل نموذج لعلاقة سامة مؤذية تشبه الإدمان. في مثل هذه الحالات، يصبح الشريك بالنسبة للطرف الآخر مصدرًا للراحة والألم في الوقت نفسه. هذا التناقض يولّد ما يُسمى بـ “العلاقة الصادمة” أو “الارتباط العاطفي المؤلم”. حيث يتناوب العنف مع الحنان، والجرح مع الاعتذار، فينشأ ارتباط معقد يصعب كسره رغم أنه يستنزف صاحبه.
ويعتبر الطب النفسي هذه العلاقات دائرة مغلقة، لا يخرج منها الفرد إلا عبر وعي داخلي بأن ما يعيشه ليس حبًا صحيًا، بل تعلقًا مرضيًا، يتطلب دعمًا نفسيًا وأسريًا لبناء استقلالية عاطفية جديدة.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تستطيع شيرين أن تتحرر من هذا التعلق المؤذي الذي يشدها إلى الوراء؟ هل ستنجح في إغلاق الدائرة واستعادة ذاتها، أم أن الحب الذي صار إدمانًا سيبقى يعيدها إلى نقطة البداية مرارًا، كما لو كانت تدحرج صخرة سيزيف كل مرة من جديد؟
ماذا لو استوعبت شيرين ما تعبر عنه كلمات أغنيتها الرائعة “جرح ثاني”، وكأنها تغني قصتها بكل صدق؟
جرح ثاني وهو قلبي لسّه طاب من الأولاني…. أروح له ثاني وهو قلبي ينسى جرحه الأولاني..
غلطت مرة وقلت، على الرخيص غالي.. جرحت قلبي وجرح، جرح القلوب غالي
“جرح ثاني وهو قلبي لسّه طاب من الأولاني… آه، آه الله يعوض ع الأيام وع الليالي“..
كلمات تحمل الألم والحنين معًا، الانكسار مع القوة، وتكشف عن التناقض الأبدي في الحب المؤذي: بين البقاء والانفصال، بين الوله والانعتاق. ربما حين تغني هذه الكلمات، تدرك شيرين أنها أمام فرصة لإغلاق الدائرة واستعادة ذاتها، أو على الأقل لفهم ألمها العميق والتعلّم منه.