انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
اصواتهن

هند الضاوي: الوجه النسائي للإعلام المقاوم

هند الضاوي: الصوت المصري الجريء في مواجهة التطبيع والتزييف

في مشهد يعكس ملامح الصحافة المقاومة وجرأة الكلمة في وجه البروباغندا والتطبيع، أعادت الصحفية المصرية هند الضاوي اشعال الجدل، وتصدّرت الترند واهتمامات الرأي العام، بعد انتشار مقطع فيديو جديد لها على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية.

المقطع، الذي رصد مواجهة مباشرة بينها وبين الصحفي الإسرائيلي المعروف إيدي كوهين، تحوّل إلى ما يشبه الدرس الإعلامي الصارم، ألقته صحفية عربية بكل ما تملكه من حجة ساخرة وحضور قوي، في وجه من حاول استفزازها بجملة شوفينية.

في البرنامج الذي بثّ على قناة دولية، تهكّم كوهين قائلاً:

“النسوان ما بيخلوك تحكي، النسوان بيحكوا كل الوقت، بالعين راديو”،

فجاءه الردّ بلهجة مصرية أصيلة وبثقة نادرة:

“النسوان اللي ربتيك. إحنا عندنا سبعة آلاف سنة حضارة… الست المصرية كانت ملكة، مش بنت ملك.”

ردٌّ خاطف تحوّل إلى ما يشبه الأيقونة، أعاد رسم موازين القوة في الحوار، وفرض على المتلقي احترام الصحفية المصرية، لا من خلال ارتفاع الصوت، بل من خلال علو القيمة.

لكن هذا المقطع لم يكن سوى حلقة ضمن سلسلة مواقف صنعت من اسم هند الضاوي رمزًا نسائيًا في مشهد إعلامي متوتر، تتنازعه روايات متضاربة وصراعات سردية حول ما يجري في المنطقة.

ففي مايو 2024، ظهرت على شاشة قناة “روسيا اليوم”، ضمن برنامج “اسأل أكثر”، لتواجه نفس الصحفي الإسرائيلي مواجهة محتدمة، وتقولها بصراحة نادرة:

“إسرائيل كيان مصطنع فُرض على منطقة الشرق الأوسط… وإذا كانت إسرائيل غير راضية عن الوجود العربي، فلتأخذ شعبها وترحل. لمّوهم من شتات الأرض، يرجعوا من حيث أتوا.”

وفي مداخلتها الأخيرة (يونيو 2025) مع الإعلامي العربي الإسرائيلي نائل الزغبي، أطلقت تعبيرًا شعبيًا مصريًا ساخرًا في وصف السياسات الإسرائيلية:

“زي ما بنقول في مصر: عويل ولسانه طويل!”

جملة اختصرت بها الكثير من الغضب العربي المتراكم، ذلك الغضب الذي كثيرًا ما تعجز النخب عن التعبير عنه دون الوقوع في فخ الشعارات الفارغة أو الخطاب الانفعالي.

ورغم أن هذه اللحظات “المؤلمة” إعلاميًا هي ما يشدّ المتابعين ويشعل المنصات، فإن هند الضاوي أبعد ما تكون عن الإعلامية الاستعراضية.

فهي تُطل بانتظام على منصات رصينة مثل قناة “الغد”، و”روسيا اليوم”، وعدد من بودكاستات التحليل السياسي، لتقدّم قراءات معمّقة حول مستقبل غزة، تحولات الصراع الإقليمي، واستراتيجيات القوى الكبرى في الشرق الأوسط.

وتُعد هند الضاوي من المحللين السياسيين القلائل الذين يجمعون بين التحليل العقلاني والرؤية الاستباقية.

وهو ما لاحظته الكاتبة باسمة العربي، التي كتبت على صفحتها بالفايسبوك عن تدوينة جريئة نشرتها الضاوي في أبريل 2024، جاء فيها:

“الضربات المرتقبة في الشرق الأوسط لن تكون فقط ردًا على ما جرى، بل خطوة استباقية لإعادة تشكيل خارطة النفوذ.

سوريا ليست بعيدة عن مسرح العمليات، والنظام هناك في مرمى الضغوط القادمة.

حزب الله سيُجرّ إلى الزاوية تمهيدًا لتحجيم دوره،

وإيران بدورها لن تبقى بمعزل، وقد تُستهدف منشآتها النووية بدقة في إطار حرب معلنة أو غير معلنة.”

واليوم، تتوالى الأحداث وتكشف صحة ما توقّعته هند الضاوي، وسط تصعيد إقليمي يعيد ترتيب الأوراق، ويعيد رسم خرائط النفوذ.

ما ميّز تلك التدوينة لم يكن الجرأة فحسب، بل غياب العاطفة وانضباط التحليل بالمنطق. قراءة لا ترى اللحظة بمعزل عن ماضيها، بل كجزء من مشهد طويل لإعادة التشكل الإقليمي.

من السخرية إلى التحليل… صوت لا يُجامل في زمن الخضوع

هند الضاوي إعلامية مصرية، تخرجت سنة 2005 من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وراكمت منذ ذلك الحين تجربة إعلامية متنوعة، بين الصحافة المكتوبة والبرامج الحوارية، ما منحها زخمًا ميدانيًا وثقافيًا.

وتُعد اليوم من أبرز الأسماء النسائية في مجال التحليل السياسي العربي، لما تتميز به من قدرة على الربط بين المعطى اللحظي والبُعد التاريخي في قضايا مثل فلسطين، إيران، الخليج، والمشهد الدولي.

تمثل هند الضاوي نموذجًا نادرًا في الإعلام العربي: امرأة بصوتٍ عالٍ لا يصيح، بل يُفكّر.

وفي زمن التهريج السياسي، برزت كأحد الأصوات القليلة التي لا تخاف من تسمية الأشياء بأسمائها، حتى لو كلّفها ذلك حملات تشويه أو تصنيفات مسبقة.

وربما في هذه الجرأة تكمن قوتها: أن تقول الحقيقة دون صراخ، لأنها تعرف جيدًا أن صوتها من النوع الذي لا يُنسى.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا