ماكرون…و”صفعة الحب”!

حديث بسمة/ عزيزة حلاق
في مشهد يبدو مقتبسا من مسرحية عبثية كتبها مخرج مهووس بالدراما الرئاسية، تلقى السيد إيمانويل ماكرون، رئيس الدولة الفرنسية، عضو دائم في مجلس الأمن وصاحب اليد الثقيلة في ملفات العالم، صفعةً مزدوجة لا تُنسى. لكنها لم تكن صفعة سياسية من بوتين أو لكمة دبلوماسية من أردوغان… بل كانت صفعة “زوجية” حارقة، مصدرها ليس سوى رفيقة دربه وشريكة حياته، السيدة بريجيت ماكرون.
ويا لها من صفعة! لم تأتِ يمنة فقط، بل جاءت “دوبل فايس”، مزدوجة ومتناغمة، وكأن السيدة الأولى استحضرت كل ما في قلبها من “حب مقموع”، وأفرغته في وجه زوجها في لحظة سينمائية أمام كاميرات العالم. البعض وصفها بـ”صفعة الفقصة”، والبعض الآخر اعتبرها مرشحة لجائزة “كانّ” لأفضل أداء غير تمثيلي.
الصفعة جاءت سريعة. موجعة. صامتة، لكنها قالت كل شيء. أو ربما لم تقل شيئا، لقد قالت: “طفح الكيل!”، قالت: “نفذ صبري!”. وربما قالت أيضا: “إذا كانت السياسة تفرض علينا التظاهر بالحب أمام الصحافة، فأنا أملك يديّ لأعبر عن الحقيقة”.
اللافت أن قصر الإليزيه لم يعرف كيف يتعامل مع الصفعة. أولاً أنكر، ثم حاول تجاهل، ثم قال إنها “مداعبة رومانسية”. يا سلام! ( هاديك غير ضربة المحبة على حد تعبيرنا نهن في المغرب)، إذا كانت هذه مداعبة، فما هو تعريف العنف الزوجي في فرنسا؟ ومتى يصدر دليل إرشادي فرنسي تحت عنوان: كيف تصفع شريكك بحب؟
ولأن السيد ماكرون رجل سياسة محنّك، فقد قرر الهروب إلى الأمام. وبدل من أن يعتذر لزوجته، راح يحدثنا عن “مؤامرة دولية” ضده، تبدأ من يد زوجته وتنتهي عند شجار مع أردوغان ومرورا بكيس كوكايين..
بالمناسبة، يبدو أن حقيقة الكيس، لم تكن مزعومة جدا، تماما كما لم تكن الصفعة “مزحة ثقيلة”. كل ما في الأمر أن الرئيس الفرنسي يعيش أيامه الأكثر إثارة منذ توليه الحكم، ولكن ليس بسبب قوانين تقاعد أو إصلاحات اقتصادية، بل بسبب ضربات القدر التي تأتي من أقرب الناس إليه.
والسؤال المطروح الآن: هل يحتاج ماكرون إلى دروس في السياسة أم في تجنّب الصفعات؟ وهل سنشهد قريبا كتابا بعنوان: من الإليزيه إلى الطائرة… يوم صفعني الحب؟
ختاما، لا نملك إلا أن نقول: تحيا العدالة الزوجية، وتسقط البرتوكولات حين يتحول القصر إلى حلبة مصارعة رومانسية.
حتى لو حاولنا أن نمرر الصفعة الأسطورية، وتبريره (بجغيمة ديال الما)، جاءت اللقطة السينمائية الثانية: نزولهما درج الطائرة التي حطت بمطار الفيليبين، يا له من مشهد! الرئيس ماكرون، في محاولة لاسترجاع ماء الوجه، تأبطي ذراعي مدّ ذراعه نحو زوجته كمن يقول: “تعالي ونعلي الشيطان”، لكن السيدة بريجيت، بحزم لا يُضاهى، تركت ذراعه معلقة في الهواء كقانون إصلاح المعاشات، وواصلت الهبوط بخطوات ثابتة وتعابير وجه عبوسة كأنها في جنازة، لا في زيارة دولة.
لم تلتفت نحوه، لم تتجاوب، لم ترمش حتى. وكأنها كانت تقول: “اليد التي صفعت، لا تصافح!”.
هذا التجاهل البارد أكّد للعالم أن الصفعة لم تكن “مزحة زوجية” كما زعم فخامته، بل كانت لحظة تاريخية من لحظات “الحزم الزوجي الفرنسي” الذي دخل موسوعة “غينيس” كأول صفعة دبلوماسية موثقة أمام عدسات الصحافة العالمية.