انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
اصواتهن

 صالون الربوة:كم هو جميل… أن نعود

بسمة نسائية/ عزيزة حلاق

بعد أن منّ الله بالشفاء على سيدة الربوة، الأستاذة خديجة شاكر، التي استعادت عافيتها، عادت الحياة، أمس، إلى صالون الربوة، الصوت النسائي الذي طالما جمعنا على المحبة والفكر والجمال.

عدنا، محمّلين بالشوق والفرح، نستعيد لحظاتنا الثقافية الدافئة.

استُقبلنا من قِبل سيدة الربوة بالأحضان والدموع والفرح الصادق، من كل المنتسبات الوفيات لهذا الفضاء الثقافي النابض. وكانت كلماتها لي لحظة لن أنساها، حين قالت:

“لقد أنعشتني الدعوات التي وصلتني، وزوّدتني بطاقة جعلتني أقف اليوم.”

اشتقنا لهذه اللّمة النسائية الفكرية الباذخة، اشتقنا لضحكات سيدات الربوة، لآرائهن ونقاشاتهن الغنية.

لقد كان عناق الشوق لهذا الموعد الثقافي واضحًا في عيونهن، وكان الشغف باللقاء أقوى من الغياب.

فعدنا لنستأنف فتح نوافذ القراءة والنقاش، فكان لقاءنا أمس أدبيًا ماتعًا:

قرأنا، وحاورنا، وغُصنا في عوالم روايتين متوجتين بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية:

“دفاتر الورّاق” للكاتب الأردني جلال برجس (2021)، قراءة قدّمتها الأستاذة حبيبة خوشاني.

“خبز على طاولة الخال ميلاد” للكاتب الليبي محمد النعّاس (2022)، قراءة قدّمتها الأستاذة زهرة رشاد.

فيما تولت إدارة الجلسة الأستاذة عائشة لمراني العلوي.

ملخص وتقاطع بين العزلة والهوية، في روايتي دفاتر الورّاق وخبز على طاولة الخال ميلاد

في هذه الورقة، أقتصر على تقديم ملخص للروايتين، وتقاطعهما، على أن أعود لاحقًا لنشر القراءات النقدية التي أمتعتنا بهما الأستاذتان العزيزتان، حبيبة وعائشة..

رواية “دفاتر الورّاق” للكاتب الأردني جلال برجس

تحكي الرواية قصة “إبراهيم الورّاق”، المثقف المنعزل الذي يعمل بائع كتب ويهوى قراءة الروايات. يعيش في عزلة عن المجتمع، ويجد في الكتب ملاذًا من قسوة الواقع.

ملخص الرواية:

يعيش إبراهيم حياة هادئة نسبيًا، إلى أن تقع مأساة تفقده أسرته ومنزله، فينزلق نحو التشرد. تمامًا كما فعل الفيلسوف ديوجين الكلبي، يتحول الورّاق من قارئ هادئ إلى شخصية متشردة تعيش في الشوارع. لكنه لا يتخلى عن شغفه بالقراءة، بل يبدأ في كتابة دفاتره الخاصة، التي يدوّن فيها تأملاته وحكاياته عن الواقع العربي المعاصر.

تتشظى شخصية الورّاق إلى عدة “أقنعة”، كل قناع يمثل شخصية روائية من تلك التي طالما أحب قراءتها، فينعكس ذلك على سلوكه ونظرته إلى الحياة. يستخدم هذه الأقنعة ليواجه الواقع القاسي، ويسجل تحوّلات اجتماعية وثقافية وسياسية، خاصة في ظل هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت أداة مزدوجة لنقل الخبر والشائعة، وجعلت من الورّاق شخصية مثار حديث الناس.

ثيمات الرواية:

الصراع بين الفرد والمجتمع

أثر القراءة على تشكيل الهوية

واقع الإنسان العربي في ظل القهر والضياع

دور وسائل التواصل في صناعة الرأي والتشهير

رواية دفاتر الورّاق عمل فلسفي وإنساني، يسلّط الضوء على المعاناة النفسية والوجودية التي يعيشها الإنسان العربي في ظل أزمات متشابكة.

رواية “خبز على طاولة الخال ميلاد” للكاتب الليبي محمد النعّاس

هذا العمل الأدبي، الفائز بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية عام 2022، يتميز بمعالجته العميقة لموضوعات الذكورة، والأدوار الجندرية، والتقاليد الاجتماعية في المجتمع الليبي، من خلال سرد داخلي شخصي لبطل الرواية “ميلاد”.

ملخص الرواية:

ميلاد، الشاب الليبي، يقرر أن يكون ربّ البيت بطريقته: لا يخرج للعمل، بل يتولى مهام المنزل من طبخ وتنظيف، بينما تعمل زوجته “زينب” خارج المنزل وتؤمّن الدخل. هذا الترتيب المختلف يضعه في مواجهة مجتمع محافظ، يرى في سلوكه انحرافًا عن الرجولة كما يعرّفها العرف المحلي.

الرواية تُروى بلسان ميلاد، الذي يكتب قصته بعدما اتهمه أهل قريته بأنه “ليس رجلاً”. نتابع عبر سرده نشأته، علاقته بوالدته، زواجه، وصراعه الداخلي مع مفهوم الرجولة والهويات الاجتماعية المفروضة عليه.

الرواية ليست فقط نقدًا للمجتمع الذكوري، بل هي أيضًا تأمل إنساني في الحرية الشخصية والهوية، وفي صعوبة أن تكون نفسك في وجه ضغط اجتماعي ساحق.

أهم المواضيع:

مفهوم الرجولة في المجتمعات العربية

الصراع بين الفرد والمجتمع

أدوار النوع الاجتماعي

التقاليد مقابل الحداثة

التحرر الذاتي والنفسي

التقاطع بين الروايتين

من خلال القراءات والنقاشات التي أعقبت العرضين، يظهر تقاطع واضح بين روايتي خبز على طاولة الخال ميلاد ودفاتر الوراق من حيث الثيمات الكبرى، مثل الصراع بين الفرد والمجتمع، والبحث عن الهوية، لكن، بأساليب سردية ومناخات مختلفة.

كلا البطلين (ميلاد وإبراهيم) يعاني من العزلة والاغتراب.

ميلاد يُهمَّش لأنه لا يشبه “الرجال” كما يتصورهم مجتمعه.

إبراهيم يُقصى لأنه “مثقف، غريب، ومريض نفسي” في عالم لا يرحم.

في خبز على طاولة الخال ميلاد:

ميلاد يعاني من انقسام داخلي بين طبيعته المسالمة والمحبة للبيت والطهي، وبين ما يُتوقع منه كرجل في مجتمع محافظ.

إبراهيم يتخبط في صراع نفسي وجودي، تتجلى انعكاساته في شخصيات متخيلة (دوستويفسكي، سرفانتس…) تعبّر عن تناقضاته، وتُستخدم كأقنعة للهروب من الواقع ومواجهته في آن واحد.

ميلاد ينتقد الذكورية ونمط الرجولة والتقاليد الاجتماعية الضاغطة.

الورّاق ينتقد القمع السياسي، والرقابة، والتطرف الديني، ويفكك أزمات الهوية الثقافية والفردية.

وفي اقتباس من الرواية، يكتب جلال برجس في دفاتر الوراق:

في هذه الحياة، عليك أن تكون ألف شخص لتعيش، لكن حينما تضع رأسك على وسادتك، كن أنت: لأنك في المساحة التي لن تحتاج فيها لأحد غيرك”

ختامًا، وكما كتبت الروائية المبدعة عائشة العلوي لمراني على صفحتي بالفيسبوك، كانت الربوة اليوم انبثاقًا جديدًا، وعودة سعيدة نتقاسم فيها مع سيدة الربوة ونسائها الرائعات متعة ثقافية لا تُضاهى.

فمرحبًا بعودة الروح إلى صالون الربوة، ولتكن عودتنا هذه بداية لمزيد من اللقاءات الملهمة.

وكل لقاء والربوة بخير،

وكل لحظة والغالية خديجة شاكر بيننا، تنثر دفء حضورها، وتوزع ابتسامتها التي تسع الجميع.

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا