مناهل عبد الرحمن ثابت:من التوحد إلى قمة العبقرية

مناهل ثابت… عبقرية يمنية تُضيء دروب العلم…

مناهل تتزين بوسام «امتياز الحرية» البريطاني الرفيع.

في عالم لا يتوقف عن التقدّم، تظلّ بعض الأسماء لامعة لأنها كتبت مجدها بالعلم والإصرار، وتجاوزت حدود الجغرافيا والصورة النمطية، لتصبح أيقونة ملهمة. من بين هذه الأسماء، تبرز الدكتورة مناهل عبد الرحمن ثابت، العالمة اليمنية التي سطّرت قصة استثنائية في التميّز، وجعلت من الذكاء والمعرفة جواز سفرها إلى العالمية، حتى صارت اليوم واحدة من أعظم العقول في العالم.

وُلدت مناهل في 14 أكتوبر 1981 بمدينة صنعاء. ورغم إصابتها في طفولتها بالطيف الأول من التوحد وتأخر النطق، استطاعت أن تتجاوز كل التحديات، وتحقق إنجازات غير مسبوقة، متجاوزة حدود الوطن نحو آفاق أرحب.

منذ سنواتها الأولى، لفتت الأنظار بذكائها المتقد ونبوغها اللافت، خاصة في مجال الرياضيات، ذلك العلم الذي طالما ظُن أنه صعب المنال على الفتيات. لكن مناهل حطّمت هذا الوهم مبكرًا، وسارت بخطى واثقة في مسار علمي نادر، لتحصد أعلى الدرجات.

تحمل مناهل ثابت شهادتي دكتوراه: الأولى في رياضيات الكم، والثانية في الهندسة المالية، لتكون بذلك أول عربية وأصغر من تخصّص في هذا المجال النادر على مستوى العالم العربي. ولم تكتفِ بذلك، بل حصلت على لقب “عبقرية العام” لعام 2013 ممثلة عن قارة آسيا، لتكون أول عربية تنال هذا التكريم من دليل العبقري العالمي.

من أبرز إنجازاتها العلمية تقديم معادلة رياضية يُمكن أن تُحدث تغييرًا نوعيًا في مجال رياضيات الكم، مما جذب اهتمام وكالات الفضاء العالمية لأبحاثها. كما تمكنت من حساب المسافات بين النجوم في غياب الضوء، وهو إنجاز لفت الأنظار إلى عبقريتها الفذة.

ما يجعل قصة مناهل أكثر إلهامًا هو أنها عانت من التوحد، حيث عاشت طفولتها في عالم تواصلي مختلف. لكن هذا “الاختلاف” تحوّل لديها إلى قوة عقلية خارقة، فوجدت في الأرقام والرموز لغةً خاصة تفهمها وتُبدع فيها. وفي وقت يُقصي فيه البعض من هم على طيف التوحد، أثبتت مناهل أن الاختلاف العصبي ليس إعاقة، بل تفرد، وأن العبقرية قد تولد من أعمق زوايا الصمت.

عقل نادر في زمن عابر

مناهل ليست فقط عالمة، بل من أذكى العقول على وجه الأرض. فهي عضو في جمعية MENSA العالمية للعباقرة، وتبلغ نسبة ذكائها أكثر من 168، وقد صُنِّفت ضمن أندر 30 عقلًا في العالم.

لم تكتفِ بالمجال الأكاديمي، بل ترأست المعهد العالمي للذكاء المتقدّم في بريطانيا، وأسّست شركتها الاستشارية في دبي، وقدّمت خبراتها لحكومات ومؤسسات دولية في مجالات الاقتصاد، والذكاء الاصطناعي، والتعليم المستقبلي.

كما أصبحت أول امرأة عربية تترأس الجمعية العالمية للذكاء، ورئيسة جمعية عباقرة العالم، مما مكّنها من التأثير في تطوير مفهوم الذكاء البشري عالميًا. واختارتها موسوعة SuperScholar ضمن أذكى 30 شخصًا على قيد الحياة.

حضور نسائي مُلهِم

في زمن تكافح فيه النساء لكسر الصور النمطية، جاءت مناهل ثابت لتؤكد أن العقل لا يعرف جنسًا ولا جنسية. فأصبحت رمزًا عربيًا يُحتذى به، ووجهًا مشرقًا للمرأة اليمنية والعربية في المحافل العالمية.

وقد اختارتها هيئة الإذاعة البريطانية BBC ضمن قائمة “أكثر 100 امرأة إلهامًا وتأثيرًا في العالم” عام 2015، كما كرّمتها الأمم المتحدة كواحدة من النساء الأكثر تأثيرًا في مجالات العلوم والابتكار.

وراء كل هذا المجد العلمي، تحمل مناهل رسالة نبيلة: أن يكون العلم متاحًا لكل طفل عربي. لذا أطلقت مبادرات تعليمية مبسطة، وشاركت في مؤتمرات دولية لتشجيع تعليم الفتيات وترسيخ ثقافة الإبداع، في عالم عربي يحتاج لكل ومضة نور.

عودٌ على بدء

من صنعاء إلى أكسفورد، ومن طفلة على طيف التوحد إلى سيدة تُتقن معادلة الحياة، تظلّ مناهل عبد الرحمن ثابت شاهدًا حيًا على أن الاختلاف قد يكون بوابة إلى التفوّق، إن وُجد الفهم والدعم.

في ركن “نساء مُلهَمات”، نُسجّل اسمها بمداد الفخر، ونقول لكل أم، ولكل أب، طفلك مختلف؟ قد يكون بينكم مناهل أخرى… فقط آمنوا بها.

 

 

 

 

 

 

 

Exit mobile version