قبل المرأة…وحين أطلت…

إكرام العبدي

قبل المرأة،  كانت أرض اللغة بلا أنهار، والشعر عزف على وتر  يتيم، كان العالم فحمة منطفئة،  و السماء كئيبة  بلا نجوم  في وحشة العدم، بلا خيال ولا استعارات ولا مجاز..

حين أطلت المرأة، تفتح نهد على صدر العالم، صرنا نحيا العالم ببطء، ونبصر الجمال بشكل أوضح ونستمتع برؤية تفاصيله البديعة، استعادت الحياة توازنها وفيضها ودفقها، وامتد جسد العالم بعيدا عن جسده.

قبل المرأة، كان العالم تقليدا لنفسه، حتى أطلت أدركنا فعلا أننا على قيد الخلق والتجدد والإبداع..

قبل المرأة، كانت أرض العالم جرداء، حين أعقبت سحائبها سحائب، صار العالم مساحة رحبة طرية خضراء حافلة بالدهشة مائية الأحضان بشوشة الأعماق..

ولأن المرأة هي الخلق وتاج القصيدة، فأنا لا أحبّ الأيّام العالميّة، ولا الاحتفالات العامّة، ولا المناسبات المتَّفَق عليها، ولا الأعياد السنويّة، أو الموسميّة، ولا تذكارات الأحياء أو الموتى..

بل أفعل شبه المستحيل، أو المستحيل بالذات، إذا كان ممكنًا ومتاحًا، كي أتملّص و أهرب، في نكوص على ذاتي والتغلغل متقهقرةً إلى ضباب الأغوار..

يَحدث الأمر في كل هاته الأيام، فرارٌ من الوجود الصارخ إلى وجود لطيف، رؤوف أحنّ،  كي أختفي عن الأنظار والأسماع والمحسوسات والافتراضات كلّها، فلا أجد نفسي محشورة في تذكيرٍ كهذا، في مناسبة، في ذكرى، في عيد، في احتفال، وهلمّ فرار..

لأنّي، بكلّ صدق وبساطة وصراحة، لا أريد أنْ أقع في فخ فولكلور المناسبة، ولا في قشرة الابتهاج

Exit mobile version