بقلم: عادل الزبيري
مقتطف من خطاب جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة عيد العرش المجيد 2025 الذي يصادف الذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين.
شعبي العزيز:
بموازاة مع حرصنا على ترسیخ مكانة المغرب كبلد صاعد، نؤكد التزامنا بالانفتاح على محيطنا الجهوي، وخاصة جوارنا المباشر، في علاقتنا بالشعب الجزائري الشقيق.
وبصفتي ملك المغرب، فإن موقفي واضح وثابت؛ وهو أن الشعب الجزائري شعب شقيق، تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين، والجغرافيا والمصير المشترك.
لذلك، حرصت دوما على مد اليد لأشقائنا في الجزائر، وعبرت عن استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول؛ حوار أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين.
وإن التزامنا الراسخ باليد الممدودة لأشقائنا في الجزائر، نابع من إيماننا بوحدة شعوبنا، وقدرتنا سويا، على تجاوز هذا الوضع المؤسف.
كما نؤكد تمسكنا بالاتحاد المغاربي، واثقين بأنه لن يكون بدون انخراط المغرب والجزائر، مع باقي الدول الشقيقة.
ومن جهة أخرى، فإننا نعتز بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية.
******
اختار العاهل المغربي الملك محمد السادس، بكل شجاعة، مرة أخرى أن يوجه رسائل إيجابية في اتجاه الجار الشرقي للمملكة المغربية الشريفة، في استمرار لنهج حكيم يؤمن باليد الممدودة أولا، ويؤمن بوحدة المصير المشترك تاريخيا ثانيا
منذ وصول العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الحكم في صيف 1999، اختار سياسة تحمل توقيعه، اسمها اليد المبسوطة أي الممدودة في اتجاه الجزائر
لم تتأثر رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس لحسن الجوار الممكن، بكل المناورات الصادرة عن الحاكمين في الجزائر، بل بقيت الرباط صامدة على حسن الجوار ولباقة دبلوماسية في التعامل.
هذه السياسة الملكية المغربية، تستمد جوهرها من إرث العاهل المغربي الملك الراحل الحسن الثاني، الذي أقنع في نهايات القرن العشرين، زعماء الدول المغاربية، بالوقوف معا في منصة قصر البلدية في مراكش المغريية، من أجل رفع الأيادي المتشابكة الخماسية، إعلانا عن ولادة اتحاد المغرب العربي أي الاتحاد المغاربي، في سابقة تاريخية في الإقليم.
العاهل المغربي الملك محمد السادس يملك شجاعة أجداده من العلويين، الذين آمنوا تاريخيا، بكل المشترك الإفريقي والعربي والإسلامي والأمازيغي، فتحولت كل روافد المغرب حضاريا واجتماعيا وثقافيا، إلى نص دستوري، صوت عليه المغاربة بشبه إجماع في العام 2011
وفي خطاب العرش لهذا عام 2025، اختار العاهل المغربي الملك محمد السادس، أن يبعث برسائل في اتجاه الجار الشرقي الجزائري، بأن الرباط تواصل فتح اليد المسبوطة من أجل حوار مفتوح على جميع الملفات، لما فيه مستقبل مشترك مغاربي إفريقي ممكن؛ هذه رؤية ملكية مغربية شجاعة، تستحق كل تنويه، فالمواقف التاريخية يصنعها الكبار من الزعماء دائما.
ولم يسبق للمغرب الرسمي أن أصدر أي إساءة اتجاه الشعب الجزائري الشقيق، كما وصفه العاهل المغربي الملك محمد السادس، في أهم خطاب سنوي، في رسالة تجديد للأخوة الصادقة باسم المغاربة اتجاه المواطنين في الجزائر.
يدرك المغرب أهمية الجوار المغاربي والإفريقي،
لذلك ما فتئ العاهل المغربي الملك محمد السادس يصدر المبادرات المتوالية، من أجل العمل المشترك مغاربيا وإفريقيا، لأن وحدة الماضي تفرض وحدة المصير المستقبلي المشترك؛ هذه قاعدة في علم الاستراتيجيات، يعيها المغرب جيدا.
اعتمد المغرب مع العاهل المغربي الملك محمد السادس دبلوماسية الوضوح في المواقف اتجاه الأعداء والأصدقاء، ونجح في إقناع أعداء للوحدة الترابية للمملكة المغربية في ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بالتحول إلى حلفاء وفق منطق المصالح المشتركة وعلى أساس رابح رابح.
هذه الرؤية الملكية الثاقبة من العاهل المغربي الملك محمد السادس اتجاه مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية، تبين أن الرباط ميالة إلى إمكانية تحقيق أي اختراق في الجمود الطويل جدا، في العلاقات المغربية مع الجزائر العاصمة
ولو أن قصر المرادية يبني وجوده الدولي للأسف الشديد، على الاستعداء الممنهج ضد المغرب وضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية بالاستمرار في الدعم المالي لفكرة كيان وهمي يتواجد في مخيمات تندوف في داخل التراب الجزائري.
يمتلك العاهل المغربي الملك محمد السادس رؤية استراتيجية لكل إفريقيا، والجار الشرقي الجزائري، هذا أثبتته الخطب الملكية المغربية، والمبادرات الملكية الشجاعة حيال القارة الإفريقية.