أمينة غريب
رحل الشاعر وانتصر الميكروفون في أوجع مواجهة كانت نهايتها صعقة أخمدت أنفاس الشاعر..
انتفض الميكروفون في وجه قبضة كانت تتلمسه من أجل الحديث عن قصائد وكتب وأسماء لم تعد تغوي ميكروفون تعود أن يصدح على كمنجة “الستاتي وعيوط حجيب وشخظة مالين البنادر ومغنو كور وعطي للشعب. .
فما معنى أن يأتي شاعر وينغص على هذا الميكروفون بقصائد لم يعد يدمنها سوى الغاوون؟
ما معنى أن يجد هدا الميكروفون نفسه في فضاء معدم ومعرض بئييس لكتب غمرتها المياه..
الميكرفونات اليوم أصبحت تصدح وتوضع لأصحاب “تراند” و”الهاشتاغ”، وملايين المشاهدات وتواكب الأعراس والعقيقات وحفلات الناس الرايقة..
الميكرفونات بالجودة العالية يقتنيها اليوم محترفو الفهلوة والخطب الرنانة التي تحمل صاحبها من مصعد الطابق السفلي إلى أعلى طابق..
ميكرفونات الجودة العالية هي التي تغرق فنادق خمسة نجوم حيث اللقاءات والملتقيات وخلايا التفكير وإعادة التفكير وطبعا بأموال المانحين بدون حسيب ولا رقيب وتجوال بالمجان وبميزانيات سخية..
لذلك شعر ميكروفون الشاعر “بالحكرة” لينتفض في وجه مشهد ثقافي يجتر خيباته وكتبه ويتلاشى مبدعوه في غياهب الرحيل والنسيان والوهن الفكري ويتوهون في دروب البحث عمن يشتري بضاعة المقبلون عليها أبطال بدون نياشين ..
تعبت الميكرفونات من التواجد في معارض تشبه الأسواق الأسبوعية في الهوامش وقاعات تحرق روادها صيفا وتغرقهم مياه بالشتاء..
صعقة الميكروفون هي توسل لهذا المشهد المعدم بأن يشفق عليه من آهاته وأوجاعه وميزانيته البئيسة وكتبه المركونة.. فلم يعد الميكروفون عاشقا للقصائد ولا لصوت الشاعر.. لذلك كانت الصعقة الأخيرة.. .
مات الشاعر في رعشة تماس كهربائي ليظل صوت المغني الرديء يلوث الأذان وصوت الكمنجة والبندير يملان الفضاء بضجيح لا يحتمل …
وداعا أيها الشاعر ونستحيي بأن نطلق عليك شهيد الميكروفون ونشعر بالخدلان ونحن لن تستطيع أن ننتقم لك من ميكروفون..