المخرج التونسي نجيب بلقاضي : عيني لم تخطئ بطل “في عينيا”

أجرت الحوار: رجاء خيرات

“في عينيا”، فيلم للمخرج التونسي نجيب بلقاضي، كان مرشحا للجائزة الكبرى ضمن فئة الأفلام الطويلة خلال المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته 17، و فاز فيه بطل الفيلم الممثل التونسي نضال سعدي بجائزة أحسن دور رجالي.

عن هذا الشريط الذي حظي باهتمام بالغ من طرف متتبعي فقرات المهرجان و أثار إعجابهم، التقت ” بسمة نسائية”،  على هامش المهرجان، الطفل إدريس الخروبي أحد أبطال الفيلم  ومخرجه نجيب بلقاضي الذي تحدث عن فكرة العمل و أطوار التحضيرات التي واكبته، وعن بطليْ الفيلم ” لطفي ” و “يوسف” فكان هذا الحوار:

 

سنة ونصف في مركز للتوحد

يقول المخرج نجيب بلقاضي إنه قضى ما يناهز سنة ونصف وهو يزور مركزا متخصصا في الأطفال التوحديين (المصابين بالتوحد)، حتى يتسنى له التعرف على شخصية الطفل التوحدي و نفسيته وطباعه وطريقة عيشه.

كيف جاءت فكرة الفيلم؟

استيقظت ذات صباح وفتحت صفحتي على الفيسبوك فإذا بي أصادف شخصا أمريكا يضع مجموعة صور لابنه المصاب بالتوحد، وكنت آنذاك بصدد كتابة سيناريو عن موضوع آخر بعيد كليا عن الموضوع، فتركت السيناريو الأول، وبدأت أفكر في العمل الجديد.

وماذا عن اختيار نضال السعدي للعب البطولة؟ ألم تجازف بترشيح ممثل مسرحي وتلفزيوني عرف بأدواره الكوميدية، لأول دور سينمائي له؟

بالعكس نضال السعدي ممثل مقتدر، و رغم أنه لأول مرة يلعب دور البطولة في فيلم سينمائي من هذا النوع إلا أنه أدى الدور بشكل جيد وعيني لم تخطئه لأداء دور البطولة في فيلم “في عينيا”.

الأبوة … رسالة قوية  

‫ هناك مثل تونسي يقول : “كل واحد شيطانه في مكتوبه ” بهذا المثل يفسر نجيب بلقاضي اختياره لشخصية بطل فيلمه ” في عينيا “، لطفي الذي أراد له أن يكون شخصية مركبة تنطوي على الكثير من المتناقضات، فمن جهة بدا ” لطفي ” ذلك الشخص الودود و اللطيف في بعض المواقف، ليتحول في مواقف أخرى  لشخص انفعالي يميل للشجار على أبسط الأمور، إلا أنه سيواجه موقفا فريدا، يجعله ينقلب رأسا على عقب.

أراد بلقاضي أن يمرر رسالة قوية من خلال فيلمه، كاشفا جوانب خفية تكمن في داخل كل أب، حيث أنها لا تنكشف إلا بعد أن يصطدم هذا الأخير ببعض المواقف و الظروف الصعبة

“في عينيا “، فيلم من نوع خاص. فيلم تألق فيه الطفل إدريس الخروبي الذي أدى دور طفل مصاب بمرض التوحد ” يوسف “، سيجمعه القدر من جديد بأبيه الذي هاجر لفرنسا منذ سبع سنوات، تاركا إياه مع أمه، هذه الأخيرة ستدخل في غيبوبة، مما يضطر معها الأب المهاجر ” لطفي ”  الذي لعب دوره الممثل التونسي نضال سعدي للعودة و التكفل بابنه المريض يوسف ذو التسع سنوات.

في خضم الحياة اليومية وما تحمله من صعوبات في التكفل بطفل مصاب بمرض التوحد، سوف ينسج لطفي علاقة خاصة مع ابنه، وكله أمل في أن يصبح يوسف طفلا عاديا كباقي الأطفال، بعد أن فشلت كل مساعيه في إيداعه مركزا يعنى بأطفال من هذا النوع و التخلص منه، سيما أنه خلف وراءه حياة مستقرة رفقة زوجة فرنسية.

على الرغم من أن شخصية لطفي تميل للعراك و العنف، إلا أنه استطاع أن يخلق علاقة حب مع طفله، حيث كان تارة ينهار و يفكر في التخلي عنه وتارة أخرى يتشبث بالأمل في أن يخلق منه طفلا يشبه أقرانه.

تفاصيل حياة يومية صعبة جدا يصورها لطفي بواسطة كاميرا ويوثق كل اللحظات التي جمعته بابنه، و في الليل يبدأ عملية المونتاج وكله أمل في أن يعثر على لقطة ينظر فيها الطفل في عيني أبيه، بسبب نظراته الزائغة.

هل كان من السهل اختيار طفل لتجسيد طفل مصاب بالتوحد؟

لا أخفي أنني تخوفت في البداية من اختيار طفل مصاب بالتوحد للعب دور ” يوسف “، بسبب الصعوبات التي يمكن أن تواجهه أثناء التصوير، سيما إذا امتنع الطفل عن أداء بعض المشاهد، وهو ما جعلني أقوم  ب « كاستينغ » آخر، ليقع الاختيار على الطفل إدريس الخروبي، الذي يقطن بمدينة سوسة. وقد أبهرني وأبهر الممثلين و المشاهدين بأدائه المميز.

كيف اندمج مع الدور؟

لقد اندمج ادريس (بالشعر الطريل) كليا في الدور، كما لو كان طفلا توحديا، لكن بمجرد إطفاء الكاميرا يعود بسرعة لحالته الطبيعية، وقد تطلب منه الأمر أسبوعا كاملا من التدريب على الحركات و الإيماءات و الصياح، وحتى النظرات المشتتة وغيرها من التفاصيل، التي أداها الطفل بشكل محترف كما لو كان ممثلا ذا خبرة عالية.

 

ما هي المواضيع التي تثير اهتمامك؟

هناك الكثير من المواضيع التي تثير اهتمامي مستقبلا، رغم اقتناعه بأن الموضوع في حد ذاته ليس بالأهمية القصوى، بل معالجة الموضوع سينمائيا هي التي تمنح العمل قيمته الفنية. إذا نظرنا للأفلام الإيرانية، خلال التسعينيات من القرن الماضي، من خلال قراءة النصوص على الورق، سنجد أنها قصص للصغار، رغم أنها وصلت للعالمية، لكن إذا نظرنها للمعالجة، سنقف على حقيقة قوة الانتاجات السينمائية وحنكة الممثلين في أداء الأدوار، ومن تمة قوة السينما الإيرانية.

سؤالي الأخير، ما هو رأيك في السينما المغربية؟

إنها تشق طريقها بإصرار، وأود هنا أن أشير إلى إعجابي بفيلم” الزين لي فيك ”  لمخرجه نبيل عيوش، لأنني أعتبر أن دور السينما هو تكسير جدار الصمت وتكشف عن الطابوهات وتخرج المسكوت عنه لدائرة الضوء، كيفما كان.

 

“بسمة نسائية” سألت  الطفل ادريس الخروبي الذي أدى دور ” يوسف ” هل أنت راض على أداءك لدورك في هذا الفيلم؟

أجاب مبتسما: لم يعجبني أدائي كثيرا، ولست راض عنه.

Exit mobile version