دار سعيدة المنبهي، تجمع الشنا ومنيب وأسماء لمرابط‪

مراكش/  رجاء خيرات

نظمت “دار سعيدة المنبهي” بمراكش، مساء أمس (السبت)، ندوة « المرأة المغربية و أشكال النضال» بمناسبة مرور 40 سنة على استشهاد سعيدة المنبهي.‪

وشكل اللقاء الذي نظم من طرف  جمعية « مبادرة تيزي » للشباب مناسبة لاستضافة ثلاث أصوات نسائية لهن حضورهن البارز في المجال الاجتماعي و الأكاديمي والسياسي، يتعلق الأمر ب عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي و نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الإشتراكي الموحد و أسماء لمرابط الطبيبة والباحثة في قضايا المرأة في الإسلام.

عائشة الشنا: 24 طفل يرمون في القمامة يوميا…

تقاسمت عائشة الشنا محطات مهمة طبعت مسيرتها النضالية التي تمتد لأزيد من ثلاثة عقود مع المشاركين في الندوة، خاصة فئة الشباب الذين حجوا بالعشرات لتخليد ذكرى الشهيدة سعيدة المنبهي. وبالمناسبة قالت عائشة الشنا إنها تعرفت على سعيدة المنبهي عندما كانت سجينة بالدار البيضاء، حيث كانت الشنا تشتغل مساعدة اجتماعية في وزارة الصحة مكلفة بالسجناء، وهو ما منحها فرصة ملاقاة العديد منهم في فترة السبعينات من الذين ينتمون للتيار الماركسي،  حركة ” إلى الأمام ” و ” 23 مارس”. »

وأضحكت الشنا كعادتها الحاضرين وهي تؤكد أنها  لم تكن تخبر العمل السياسي و لا دهاليزه المخيفة، مثلما تفعل نبيلة منيب (الجالسة بجوارها) و لا سعيدة المنبهي نفسها، لكنها لن تنسى تلك الإبتسامة التي طبعت شفتي الشهبدة، عندما أخبرتها عن رغبتها في العمل معها في المجال الاجتماعي، لكن الموت لم يمهلها كثيرا، حيث أسلمت الروح بعد دخولها في إضراب عن الطعام في دجنبر  1977 بالسجن بالدار البيضاء.

لكن تلك الفترة، تقول عائشة الشنا، جعلتها تعيش وضعا إنسانيا استثنائيا وقفت عنده، حين صادفت أما عازبة وهي تتخلى عن طفلها مكرهة بأحد مستشفيات الدار البيضاء، بعد ضغط من الأسرة. رأت الشنا كيف تركت الأم رضيعها لتودعه مركز للأطفال المتخلى عنهم. عندما عادت الشنا لبيتها و أمسكت بطفلها لترضعه، وكانت حديثة الولادة، ظلت صورة ذلك الصبي الذي حرم من حضن أمه بسبب العار لا تريد أن تفارق مخيلتها، و لم يعرف النوم طريقا لجفونها تلك الليلة، لتقطع عهدا على نفسها أنها ستدافع عن هؤلاء النسوة و أبنائهن، و أن تفعل ما في وسعها حتى تحتفظ الأم العازبة بطفلها وتواجه الحياة والمجتمع.

سنوات بعد ذلك ، وبعد أن أسست جميعيتها التي تعنى بالأمهات العازبات (التضامن النسوي) ستتلقى الشنا تهديدات صريحة من طرف التيار المحافظ، متهما إياها بكونها تشجع على الرذيلة، على اعتبار أن الحماية التي توفرها للأمهات العازبات، من خلال إيوائهن، هي تشجيع صريح على الفساد و الزنا.

لم يثنها ذلك ولم يضعف من عزيمتها، بل بالعكس أدركت عائشة الشنا أن الأطفال من أمهات عازبات هم أبناء هذا البلد و أن لهم الحق في الرعاية و الحماية و التعليم لأنهم أبناء هذا الوطن.

و وجهت عائشة الشنا، بلهجة قاسية، رسالة للشباب المغربي تحثه على الوقاية و أخذ الحذر من العلاقات خارج إطار الزواج، لأن العدد المسجل في نسبة الأطفال الذين يولدون خارج إطار الزواج مخيف (153 طفل يولد كل يوم) حسب آخر الإحصائيات، فيما 24 طفل يرمون في القمامة.

و أعرب الحاضرون عن رغبتهم في أن تواصل عائشة الشنا الحديث عن محطات مهمة من مسارها النضالي، قبل أن تعتذر عن المغادرة لحضور حفل تكريم لها بمدينة أكادير.

نبيلة منيب: 1500 مستشار جماعي مغربي أمي

كعادتها لجأت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الإشتراكي الموحد، في كلمة ألقتها بالمناسبة، للغة المباشرة، حيث قالت:” إن المغرب الذي ناضلت من أجله سعيدة المنبهي و الذي دفعت حياتها ثمنا له، لازال لم يتحقق، مؤكدة على ضرورة انخراط الشباب في العمل السياسي، لكن مع التسلح بالعلم و المعرفة.

وانتقدت منيب وجود أشخاص أميين داخل العديد من المجالس المنتخبة في المغرب، مؤكدة أن 1500 مستشار جماعي مغربي أمي،  وهو ما لا يتناسب مع طموحات المغاربة ونخبها السياسية لتحقيق الديموقراطية و العدالة الاجتماعية المنشودتين. و دعت منيب الشباب إلى ممارسة العمل السياسي، لأن المغرب في حاجة لنخب سياسية قادرة على بلورة مشاريع تمكن من تطوير البلاد وتحقيق أماني المغاربة. كما أكدت على أن المغرب في حاجة اليوم لنقاش هادف و بناء يعيد للعمل السياسي دوره وأهميته، مشددة على أن ذلك لن يتأتى بدون إشراك الشباب و الإنصات لهم، و مشاركتهم في التجارب التي خاضها من سبقوهم بشكل يؤهلهم للانخراط في مراكز القرار، كما دعت منيب النساء إلى التسلح بالعلم و المعرفة و العمل و ولوج عالم السياسة وأخذ مكانهم في مراكز القرار السياسي، مع الحفاظ على الأخلاق و المبادئ، حتى لا يبخس العمل السياسي ويصبح بدون جدوى.

أسماء لمرابط.. الصوت المزعج للتيار المحافظ

و بدورها قالت أسماء لمرابط إنها لا تعتبر نفسها مناضلة، لأن مساهماتها تقتصر فقط على الجانب الأكاديمي، بعيدا عن الواقع. و أضافت لمرابط أن الفترة التي قضتها بالمنفى  (15 سنة) رفقة أسرتها، جعلتها تفكر مليا في عدد من القضايا الشائكة، الأسئلة، من بينها موضوع المرأة في الإسلام، وهو ما دفعها للبحث و الإطلاع على كتب الفقه الإسلامي. وأشارت لمرابط إلى أنها تربت تربية محافظة، لكن والدها كان متحررا و متنورا، و أن هذا التناقض في الخطابين، هو ما دفعها لكي تعمق قراءاتها في كتب الفقه، كما أن هذه التجربة دفعتها لكتابة مجموعة من المؤلفات، من بينها

“القرآن و النساء ” و ” الإسلام، المرأة و الغرب” ثم ” الإسلام و النساء : الأسئلة المزعجة”. ولم تخف لمرابط أنها عاشت، خلال الفترة الأخيرة، محطة صعبة من حياتها، بعد اتهامها ب “الإخلال بثوابت الأمة” بسبب تصريحاتها ومواقفها الأخيرة في مسألة المناصفة في الإرث، من طرف التيار المحافظ ببلادنا، إلا أن ذلك لم يضعف من عزيمتها و دفاعها المستميت عن الطرح التنويري التحرري في قراءة الدين.

ودعت لمرابط لإحداث مدرسة تعنى بقراءة ودراسة فكر المفكر المغربي محمد عابد الجابري، لأن المغرب في أمس الحاجة لأفكاره وطروحاته، منبهة من خطورة الفكر الذكوري في تفسير القرآن و الأحاديث..

 

Exit mobile version