سعد ابن موهوب ، اشتغل وسهر الليالي وحاول أن يخلق اسلوبا جديدا يضرب على الوتر الحساس لجيل تائه بأكمله ،ونجح الى حد كبير في أن يؤسس لقاعدة جماهيرية من المحيط الى الخليج ،رغم كل ماقد يقال.قبل أن تطفو زلاته ونقط ضعفه كانسان امام الملأ.كل هذا اقوله لتبرئة والديه الذين استعملوا كما نستعمل كأمهات وآباء سلطة الحب لاغير مع أبناءهم..الحب الذي يكون مهلكا دون أن نعرف، خاصة حين يكون ابن وحيد ..الجرعات المفيدة لانقدر قياسها بالضبط حين تنهمر عواطفنا اتجاه ابناءنا..لادخل للوالدين فيما يقترفه الأبناء لانهم كبروا وتفاعلوا مع الحياة بطريقتهم هم لا بطريقة آبائهم. لانسقط الابوة والامومة ونضعها في قفص الاتهام اذا سقط ابن اوابنة..الآباء يستحقون الرحمة لأنهم منحوا مالديهم كله واعتقدوا انه هو الصح ..من خلال نزهة الركراكي أرافع عن امومتي وأمومة كل النساء تقريبا ،المهمة تنتهي حينما يكبر الأبناء لينتموا للحياة كلها وليس لأب او أم بعينهما.. ارحموا أم سعد ووالده. أتذكر ذات مهرجان مراكش وكان معنا البشير ونزهة ونحن نهم بالانطلاق في الحافلة التي ستقلنا لحفل العشاء، كيف كان البشير يتحدث الى ولده سعد بحنو وصوت خافت في الهاتف، ويترجاه أن لايسهر كثيرا وهو يردد دعوات الرضى عليه.كانت لحظة مؤثرة بصمت ذاكرتي.لانملك إلا ان ندعو الله بالهداية لابناءنا جميعا ،وأن ما قد يقترفون يخصهم هم بلا شماتة في أحد دون أن نزر وازرة وزر اخرى كما قال الله تعالى في كتابه الحكيم.لايوجد ألم اشد من أن يسقط أبنائك في حياتهم وأنت تقف عاجزا وكل السهام تصيب قلبك. فلنرحم بعضنا البعض لأن الحياة ماكرة جدا وقد تفاجىء أفضل المربين وأعظم المعلمين.سعد كان محظوظا فعلا بوسطه الفني ووالديه وحبهما ،لكن الحظ وحده لايكفي، امور اخرى وتفاصيل انسانية تصنع النجم الحقيقي اغفلها سعد المجرد وهو من يتحمل المسؤولية لا والديه والله أعلم.
المجرد الذي خذله السعد
سميرة مغداد

لم يحدث ان عرف مغني مغربي كل هذه الجلبة مثلما حصل مع سعد المجرد الذي صعد نجمه بسرعة ليسقط مدويا في سماء الفن..المجرد ابن اهل الفن ترعرع وتغذى في وسط فني والدته منحت الكثير للخشبة والدراما المغربية ،ووالده صدح بصوته في محافل الغناء المغربي ،وتعذبا في طريق الفن كما كثيرين في ظروف شاقة ووضع صعب لأهل الفن في المغرب. سقطة سعد لم تأخذ من شهرته بعد، خاصة السقطة الاولى التي تسبب فيها على مايبدو طيشه وسلوكه العنيف مع امراة شابة في قلب بلد ديمقراطي يشدد على كرامة النساء والانسان عموما.وبالرغم من التهمة واللغو والسجن الاحتياطي خرج سعد من السجن بكفالة وبسوار الكتروني،وفوجىء الجميع بعودته القوية للغناء واصداره لأغنيتين لا قاتا متابعة عالية ، زد عليها ومشاركته في الغناء مع المنتج المغربي العالمي ريدوان في آخر ظهور له في أغنية مهداة الى ملك البلاد بمناسبة عيد ميلاده.اختلط الأمر على المتتبعين هل سعد فعلا سيبرىء وخرج من العثرة بألق جديد وبنفس قوي للتغير نحو الافضل وأخذ العبرة ؟ لكن العثرة تكررت ليقع في زلة اخرى مع فتاة اخرى فرنسية تقارب الثلاثين من العمر في مكان اخر بفرنسا ، ولعله نفس السيناريو مع بعض التعديل.هنا لم يرحمه أحد تقريبا، فالخطأ الاول كاد أن ينسى، لكن الثاني أجج النفوس ضد سعد الذي بدا شابا لا مسؤولا متهورا بالفعل ،وشنت عليه حملة انتقاد واسع على مواقع التواصل الاجتماعي مست حتى والديه،وكانت الكفالة الضخمة من جديد لاطلاق سراحه ،وكان له ذلك ليستأنف الحكم ويودع في السجن الاحتياطي.أتعامل هنا مع قضية سعد من مقاربة اخرى وهي التي وضعت والديه في قفص الاتهام أيضا وسلطت سهام النقد والسخرية من أبوين مكلومين أصلا ضحيا كثيرا لأجل أن يسلك ابنهما حياته من جديد. فهل هما فعلا سبب مايقع لسعد؟ هل قصرا في تربيته وأهملا رعايته حتى يصير شخصا متوازنا مدركا لكل افعاله وحركاته؟.من هذا الباب اقف لاتأمل كأم علاقتنا بأبناءنا هل نتحكم فعلا في حياتهم ؟ هل نحن المسؤولون تماما عن تشكل وعيهم بالعالم الشاسع ..أبناءنا في النهاية أبناء الحياة تفعل بهم فعلتها ،فرغم كل جهودنا قد ينزلقون ويخطؤون ويجرمون لاقدر الله ،خاصة وأن المؤسسات الموازية والمواكبة للتربية والتأطير داخل مجتمعاتنا منعدمة. فهل الآباء هم السبب ام الحياة كلها على بعضها..سعد حظي بحب والديه ورعايتهما وبكل تأكيد اختارا له اسم سعد تيمنا بالحظ الوفير في الحياة .لقد حاولا ما أمكنهما ان يمنحاه كل مايستطيعان ليكون سعيدا .ولا احد اليوم يمكن أن يوجه أهواء ورغبات أبناءه وسط سيل من التجاذبات الثقافية .سعد اختار الفن لانه تشبع به وعاش وسط أجواءه بكل مالها وما عليها. والفن والرياضة في هذا الزمن مبتغى كل شاب وشابة لأنهما مجالان يمنحان بريق الاضواء والشهرة والمال ..كل شبابنا تقريبا يريد أن يصبح فنانا ويستمتع بالحياة بالرقص والبهجة بعيدا عن الهم والغم..كم من استاذ جامعي وطبيب ومربي وجد نفسه خارج السياق مع أبنائه ولم يتمكن من التحكم في اختياراتهم او توجيههم كما يشتهي . جيل اليوم جيل عنيد وسطحي ويريد الخلاص من كل القيود، والفن يمنح هذا الاحساس..