مراكش/ عزيزة حلاق
صور: زليخة
في ليلة الاحتفاء بالنجمة العالمية جودي فوستر، اكتشفنا وجهاً لا يشبه إلاّ نفسه، شخصية آسرة تمزج بين الاحتراف الفني والعمق الإنساني. حضورها على خشبة مسرح قصر المؤتمرات بمراكش كان لافتاً، وكلمتها لم تمر عابرة. أمام فيديو يوثّق مساراً فنياً بدا منذ الستينيات، لم تتحدث جودي عن المجد أو عن أضواء هوليود، بل اختارت أن تختزل كل تلك التجربة في جملة واحدة قالتها بابتسامة مفعمة بالحياة:
“في هذا العمر، أعظم نجاح حققته هو أنني سعيدة… وسعيدة بالحب.”
جاءت كلمتها صادقة نابعة من القلب، قالت: “لقد مضى زمن طويل وأنا أمارس هذه المهنة. بدأت في الستينيات، ثم حظيت بفرصة عيش العصر الذهبي للسينما الأمريكية في السبعينيات، تلتها الثمانينيات والتسعينيات والألفينيات… وها أنا هنا، ما زلت مستمرة. ستون عاماً من السينما… فترة طويلة لكنها مرت كنسمة.”
وأضافت: “ما زلت هنا، أكبر سناً بقليل وربما أكثر تجاعيداً، لكنني ما زلت مدفوعة بنفس الشغف، عشقي رواية القصص، ومنح الحياة للشخصيات، وطرح الأسئلة حول علاقاتنا وهشاشتنا وإنسانيتنا. تمنحنا السينما ساعات نحلم فيها ونعيش ونكوّن مجتمعاً إنسانياً عميقاً. مثلَكم، أنا أعشق السينما، هي المكان الذي تتشابك فيه الأيدي في الظلام… شكراً لكم يا أصدقاء الفن، ولكل زملائي وأصدقائي الحاضرين معي هذه الليلة”.
“شكرت منظمي هذا المهرجان الذين أتاحوا لي اكتشاف هذا الركن المدهش من العالم، جميل، غامض، ونابض بالحياة. شكراً لك يا مغرب.”
وأضافت:
“شكراً لجلالة الملك محمد السادس، ولصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد. لقد استقبلتموني بكرم كبير، بحماس ودفء في الروح… هكذا هو المغرب، بلد يأسر الحواس. يا لها من فرصة أن أكتشفه بينكم.”
وزاد من تأثير اللحظة ما حملته رسالة التهنئة المؤثرة التي وجّهها إليها المخرج العالمي مارتن سكورسيزي عن بعد، جاء فيها:
“أهنئك على التكريم الرائع الذي تحظين به في مراكش. كنت أتمنى لو كنت هناك لتقديم الجائزة لك شخصياً. الطريقة التي ابتكرتِ بها أداءك مدهشة، وقد تركتِ أثراً عميقاً في عملي ومسيرتي.”
ثم استعاد أول لقاء جمعهما:
“لن أنسى أبداً يوم جئتِ إلى مكتبي للمرة الأولى، طفلة في التاسعة من عمرك، أكثر جرأة من جميع من كانوا في الاستوديو آنذاك. عملنا معاً في “أليس لم تعد هنا” و”سائق التاكسي”. ومنذ ذلك الحين، صنعتِ أعمالاً لا تُضاهى، وتوجتِ مسارك بفوزك بجائزتي أوسكار.
أما رئيس لجنة التحكيم، المخرج الكوري الجنوبي بونغ جون-هو، فقد وجّه كلمة لا تقل حرارة قبل تسليمها درع التكريم، معترفاً بإعجابه العميق بها منذ سنوات، قائلاً:
“أنا من المعجبين بك ومن متتبعي أعمالك منذ فيلم “سائق الطاكسي” (1976) ، حين كان عمرك لا يتجاوز 12 عاماً.”
ثم أضاف مازحاً:
“كنتِ بطلة الفيلم ونجمته الأولى… وليسامحني النجم روبير دو نيرو.”
شكراً للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي يمنحنا فرصة فريدة للقاء كبار نجوم السينما العالميين، ومرافقة لحظاتهم الإنسانية عن قرب، كما يتيح لنا اكتشاف أعمال سينمائية راقية لا تتاح لنا إمكانية مشاهدتها خارج هذا الفضاء الاستثنائي.
