شكرا الصديق عزيز سعيد
شكرا مطعم:
Ksar Es Saoussan
18 نوفمبر ليس مجرد تاريخ في التقويم. إنه عيد استقلال الوطن… وذكرى ميلادي، وذكرى استقلاليتي أنا أيضًا.
في كل عام، ومع تردّد التهاني بالمناسبة، تكون صديقتي أول المهنئين. تعرفني جيدًا، لذلك لا تُتعب نفسها في صياغة عبارات طويلة، بل تختصر أمنياتها في جملة واحدة، معبّرة ومحكمة:
“كل عام وأنتِ مستقلة.”
اخترتُ طريق استقلالي بوعي كامل: لا زواج، لا أولاد، ولا ارتباطات تُقيدني.
ليس لأنني ضد هذا كله، بل لأنه ببساطة… لم يُشبهني يومًا.
حاولت وفشلت، ولم أشعر للحظة أنني مستعدة لمسؤولية الأمومة؛ فأن تُنجب طفلًا ليس فعلاً بيولوجيًا، بل التزامٌ وجودي لا ينتهي.
لا أريد أن أقف يومًا أمام طفل يحاكمني..يسألني:
“لماذا أنجبتني؟” أو “علاش جبتيـني لهاد الدنيا؟”
لا أريد أن أبرّر له اختياراتي، أو أن أتحول إلى المتهمة الرسمية أمام أسئلته الوجودية.
اخترتُ أن أكون مسؤولة عن نفسي؛ أن أعيش بشغف وعلى طريقتي، دون أن أكون مدينة لأحد، أو مجبرة على تقديم الحساب لأحد.
لم يكن اختياري سهلاً…
كم مرة مررت بذلك السيناريو المحفوظ والمملّ؟
كانت البداية بـ:
“وقــتاش غادي نفرحو بيك؟”
ثم تحوّل السؤال تدريجيًا إلى نبرة تشبه إعلان حالة الطوارئ:
“إيوا طلقينا… كلشي تزوج وبقيتي غير أنتِ!”
“دابا تبقاي بوحدك؟”
حتى اقتنع الكل أنني “حالة ميؤوس منها”!
ثم أصبحت الدعوات اليوم تُقال بلطفٍ مربك:
“تكوني حاجة إن شاء الله…”
أن تؤمن بقرارك أمام مجتمع يرى في الزواج والأمومة مصيرًا حتميًا للمرأة… ليس أمرًا سهلاً أبدًا.
يتطلّب شجاعة لاختراق تلك النظرات المتراوحة بين شفقة خفيفة، وكأن حياتك فيلم درامي ناقص وشكّ عميق في سلامة خياراتك.
يتطلب الموقف، ثقة أكبر لمواجهة العبارات المبطّنة، المختبئة وراء حرصٍ زائف أو فضولٍ مغلّف بابتسامة اجتماعية لطيفة أكثر مما يجب.
لكن الأهم… أن تظل صادقة مع نفسك، مهما ارتفعت الأصوات من حولك.
فهذا الاختيار ليس هروبًا، ولا ردّ فعلٍ عنيدًا، ولا موقفًا دفاعيًا.
إنه ببساطة قناعة… بأن السعادة ليست وصفة جاهزة تُوزَّع على الجميع، وأن الطريق إلى حياة مُرضية يختلف من شخص لآخر.
الاستقلال لم يكن يومًا تمرّدًا على المجتمع، بل كان وفاءً لقناعة… ووفاءً لحياة تُشبهني تمامًا.
في نظر البعض، يبدو الاستقلال خيارًا غريبًا، أو مصيبة غير معلنة، أو ترفًا لا يليق بالنساء!
أما بالنسبة لي، فلا أريد أن أكون نصفًا يبحث عن نصفٍ آخر…
أريد أن أكون إنسانة كاملة، مكتفية بذاتي، منفتحة على العالم، وممتنّة لكل لحظة أعيشها كما أريد، لا كما يُفترض بي أن أعيشها.
أحب مهنتي، أحب حرية قلمي، وأحب تلك المساحة التي أتنفّس فيها بلا وصاية.
وفي عيد ميلادي، أحتفل باستقلاليتي… سعيدة بها، وبما أكتب، وبما أقرر، وبأن حياتي تمشي على إيقاعي أنا.
فكل عامٍ وأنا مستقلة…
وكل عامٍ وأنا سعيدةٌ باختياراتي…
اختياراتي منوّرة حياتي.
و ما زالت تُنير حياتي…والحمد لله..
