في إطار فعاليات مهرجان مقامات، الذي يحتفي هذه السنة بخمسينية المسيرة الخضراء وبغنى الفنون وتنوع أشكال الإبداع، حضرت أمس الاثنين 3 نونبر، بمركب التنشيط الفني والثقافي – تابريكت – سلا، المعرض الأول للفنانة التشكيلية الشابة أسماء دحان، ضمن الأنشطة الموازية للمهرجان. تكشف أعمالها عن بداية مسار فني واعد ورؤية جمالية ناضجة خاصة بها.
من اللحظة الأولى، يشدّك عالمها اللوني الهادئ المفعم بالحركة، حيث تتجاور الموجات الزرقاء والخيول الجامحة في فضاء واحد منسوج بالإحساس والخيال، ليخلق تجربة بصرية تتجاوز حدود اللوحة إلى الانغماس في العاطفة والحركة.
تزامن المعرض مع تكريم الكاتب والباحث والإعلامي الكبير محمد الصديق معنينو، ما أضفى على الحدث بعدًا ثقافيًا مزدوجًا يجمع بين الفن الأدبي والبصري.
أسماء دحان، من مواليد الرباط، فنانة عصامية آمنت بأن الفن ليس مجرد هواية، بل قدر يُعاش. نشأت في بيت يقدّر الجمال، وكان والدها أول من علّمها أسرار الرسم والخط العربي، فغرس فيها حب الألوان والخطوط. ورغم غياب التكوين الأكاديمي، شقت طريقها بثقة وإصرار، معتمدة على موهبتها الفطرية وحسها البصري المرهف.
تميل دحان إلى الألوان الهادئة التي تعكس شخصيتها، وبعد سنوات من الجمع بين الفن والعمل، قررت أن تتفرغ كليًا للإبداع، معتبرة أن الفن لا يزدهر إلا حين يصبح أسلوب حياة. ومنذ ذلك القرار، صارت ترسم بصدق أكبر وتنصت إلى صوتها الداخلي دون وساطة.
تتنوع أعمالها بين الرسم الزيتي، والخطي، والألوان المائية، والتجريدي، والبورتريه، والطبيعة الصامتة، في مزيج يعكس ثراء رؤيتها وجرأتها في التجريب. أما مواضيعها فتنبع من شغفها الشخصي، فتستوحي كثيرًا من عشقها لركوب الخيل وركوب الأمواج، لتجعل الماء والبحر والحرية عناصر متكررة في لوحاتها، كما تستحضر أجواء التبوريدة المغربية بما تحمله من حركة وألوان وبهاء تراثي.
في معرضها ضمن مهرجان مقامات، يبرز حضور الألوان الباردة، خاصة الأزرق والأخضر، كرمز للسكينة والانفتاح على الطبيعة، فيما يمنحها الأبيض والأسود توازنًا وعمقًا بصريًا. فهي ترى اللون أداة للتعبير الفكري والعاطفي قبل أن يكون عنصرًا زخرفيًا.
بهذا الحس الشاعري والرؤية المتأملة، تواصل أسماء دحان رحلتها الفنية بثبات، ترسم لتقول ما لا يُقال بالكلمات، مؤمنة بأن الفن رسالة سلام وجسر تواصل بين الأرواح.
