بسمة نسائية/ عزيزة حلاق
صور ومتابعة: زوليخة
بين انتظارٍ طال، ونصٍ مؤجل، تقف المرأة المغربية على عتبة إصلاحٍ يراهن على فقهٍ جديد، يعيد للأسرة روحها وللمجتمع توازنه.
الفقه النسقي المقاصدي الاجتماعي… نحو قراءة جديدة لمدونة الأسرة
في الوقت الذي لا تزال فيه مدونة الأسرة الجديدة قابعة تحت ما يشبه “الحراسة النظرية” حتى لا أقول “الاعتقال”، لدى المجلس العلمي الأعلى، منذ أن أحالها عليه جلالة الملك محمد السادس في يوليوز من السنة الماضية، قصد دراسة بعض القضايا الواردة في مقترحات الهيئة المكلّفة بالمراجعة، تواصل الجمعيات النسائية الترقب وانتظار الافراج عليها بصيغة تجعل من الأسر المغربية، فضاءات للمساواة والإدماج والأمن والتضامن.
انتظارٌ يختلط فيه الأمل بالتوجس، بينما لا تتوقف أصوات هذه الجمعيات عن الترافع والمطالبة بإصلاحٍ جذريٍّ يواكب روح العصر، ويستجيب للتحولات الاجتماعية والحقوقية التي يعيشها المغرب اليوم.
وفي هذا الإطار، نظمت اليوم مجموعة “أوال – حريات –”، ندوة تحت عنوان” المساواة داخل وبين الأسر: ضرورة ملحة لتحقيق العدالة الاجتماعية والديموقراطية”، أعادت فيها طرح ما قيل ويُقال عن الثغرات التي شابت الإعلان عن المراجعة، كما جدّدت مطالبها المرتبطة بـالمساواة، ومراعاة الدستور، والمواثيق الدولية، من أجل إنتاج مدونة جديدة تُلغي التعدد وزواج القاصرات، وتقرّ الولاية المشتركة بين الأبوين، وتتعامل مع النسب والحمض النووي بمرجعية حقوقية تراعي مصلحة الطفل خارج الزواج.
هي مطالب قديمة/ جديدة، تعبّر عن تحول في وعي المجتمع وموقع المرأة داخل الأسرة، وتقطع مع النموذج التقليدي الذي يجعل الرجل ربّ البيت الوحيد.
لكن الجديد هذه المرة، ما جاء في مداخلة الأستاذة فريدة بناني، التي قدمت عرضا قيما، قالت فيه إن مفتاح الحل لا يكمن في إعادة كتابة النصوص فقط، بل في الاشتغال بعقلية الفقه النسقي المقاصدي الاجتماعي، أي فقه يستند إلى روح المقاصد الشرعية التي تضع العدالة والمصلحة والتكافؤ الاجتماعي في صلب التشريع، بدل القراءة الحرفية الجامدة للنص.
فالحديث عن الفقه النسقي المقاصدي الاجتماعي، كما أوضحت المتحدثة، ليس تنظيرًا لغويًا جديدًا بقدر ما هو منهج تفكير يستحضر الغاية من التشريع لا شكله، ويوازن بين الثابت والمتحول داخل بنية المجتمع المغربي.
إنه فقه يقرأ النصوص ضمن سياقها الإنساني والاجتماعي، وينتصر لقيم العدل والكرامة والمساواة التي يقوم عليها الدين ذاته، دون أن يصطدم بروحه.
فالإصلاح الحقيقي لمدونة الأسرة، وفق هذا التصور، لا يكون في تغيير المواد فحسب، بل في تجديد المنهج المؤطر للفهم، بما يجعل النص القانوني مرآة لواقع مغربٍ يتغير، لا قيدًا يُبقي المرأة والأسرة رهينتين لتأويلات الماضي.
فمغرب اليوم لم يعد ذاك الذي وُضعت على مقاسه نصوص الأمس، والمطلوب ليس فقط مراجعة قانون، بل تحرير رؤية تعيد للأسرة المغربية توازنها، وللمرأة مكانتها، وللمجتمع نبضه الحي.
فقد آن الأوان لإطلاق سراح المدونة!
ونظرًا لأهمية المداخلات والنقاشات التي شهدتها الندوة، سنعود لاحقًا إلى نشر تغطية موسّعة لهذا الحدث، الذي حضرته العديد من الوجوه النسائية والحقوقية، ومجموعة من الجمعيات، ونُظّم صباح اليوم بالرباط.
