#كلنا_بشير… صرخة ضد فشلنا في حماية الطفولة
جريمة الاغتصاب الجماعي لطفل خلال موسم مولاي عبد الله أمغار، لم تكن مجرد فعل إجرامي، بل صفعة تكشف عمق الخلل في منظومتنا التربوية والاجتماعية. أربعة عشر شخصًا اعتدوا على براءة طفل، لكن الجريمة الأكبر هي فشلنا في صناعة إنسان يملك ضميرًا يردعه قبل أن يردعه القانون.
معركتنا الحقيقية ليست فقط في محاكمة الجناة، بل في جعل صناعة الإنسان المشروع الوطني الأول. دون ذلك، ستظل فضاءاتنا مهددة بأن تتحول من ساحات للفرح إلى مسارح للرعب.
مولاي عبد الله أمغار… موسم الفرح يتحول إلى فاجعة
اهتزّ الرأي العام الوطني على وقع جريمة بشعة، بعدما تعرّض طفل قاصر اسمه بشير، لاغتصاب جماعي من طرف أربعة عشر شخصًا خلال فعاليات موسم مولاي عبد الله أمغار بإقليم الجديدة. حادثة صادمة تحوّلت إلى جرح غائر في الضمير الجمعي، وأعادت إلى الواجهة سؤالًا مؤلمًا: هل فشلنا في صناعة الإنسان؟
لقد حقّق بلدنا خطوات مهمة في مجالات متعددة، غير أن الاستثمار الأعمق والأصعب ــ الاستثمار في الإنسان ــ ما يزال يشكو أعطابًا خطيرة. فالأسرة حين تهمل التربية، والمدرسة حين لا تنشغل بالتربية على المواطنة و القيم، والسياسات العمومية حين تهمّش حماية الطفولة، كلها عوامل تتقاطع لتصنع بيئة هشّة يكون فيها الطفل الحلقة الأضعف، عرضةً للاستغلال والانتهاك.
# كلنا بشير
الفاجعة فجرت موجة غضب واستنكار وخلفت حملة تضامن واسعة مع الضحية، وتصدر وسم كلنا بشير، مختلف منصات التواصل الاجتماعي، مصحوبا بنداءات لمعاقبة الجناة وتفعيل إجراءات وقائية للحد من الاعتداءات ضد القاصرين.
موقف منظمة بدائل للطفولة والشباب
في هذا الإطار، أصدرت منظمة بدائل للطفولة والشباب تصريحًا اعتبرت فيه أن هذه الجريمة البشعة ليست حادثًا معزولًا، بل تعكس هشاشة سياسات حماية الطفولة في سياق اجتماعي يسمح بإعادة إنتاج العنف والهيمنة الذكورية. وأشارت إلى أن المواسم الدينية والثقافية، مثل موسم مولاي عبد الله أمغار، تتحول في غياب الرقابة إلى فضاءات خطرة يتعرض فيها الأطفال، خصوصًا غير المرافقين، للاستغلال والانتهاكات.
المنظمة أدانت بشدة هذه الجريمة، محمّلة الجهات المنظمة مسؤولية غياب إجراءات الحماية، وطالبت بفتح تحقيق قضائي عاجل ومستقل، وتشديد العقوبات على المتورطين دون أي إمكانية للعفو أو التخفيف. كما دعت إلى تفكيك شبكات المخدرات والدعارة التي تنشط خلال المواسم، وإنشاء لجنة وطنية لمراقبة التظاهرات الشعبية لحماية الأطفال، إلى جانب إطلاق برامج استعجالية لإيواء أطفال الشارع وتأهيل الفضاءات العامة لتصبح آمنة لهم.
جوهر القضية… الإنسان
الجريمة المؤلمة التي هزّت وجدان المغاربة ليست مجرد واقعة جنائية، بل مرآة تعكس خللًا بنيويًا أعمق. فهي تذكير قاسٍ بأن كل الإنجازات المادية والمؤسساتية لا قيمة لها إن لم ننجح في تربية إنسانٍ سويّ، متوازن، وواعٍ بقيمة الآخر.
إن معركتنا الحقيقية اليوم لا تنحصر في معاقبة الجناة، بل في ربح رهان بناء إنسان يمتلك ضميرًا حيًا يردعه قبل أن يردعه القانون. فإذا لم نصنع هذا الإنسان، ستظل مواسمنا وفضاءاتنا مهدّدة بالتحول من ساحات للفرح إلى مسارح للرعب.
ويبقى السؤال مفتوحًا: كيف نبني مجتمعًا يضع حماية الطفل في صميم أولوياته، ويجعل من صناعة الإنسان المشروع الوطني الأكبر؟