فجّرت الصين الفضيحة المدوية: حقائب الماركات العالمية التي تتباهى بها المؤثرات والنجمات كما لو كانت وسامَ شرف، طلعت …فيشنك..فالصو!
وكلها وهمو !!
في وقت يرزح فيه العالم تحت وطأة الحروب والمآسي، وفيما تنشغل الضمائر الحية بهم قضية فلسطين والإبادة في غزة، وتئنّ الشعوب تحت وطأة الغلاء الفاحش، والبطالة المستشرية، وانهيار التعليم والصحة… يخرج علينا زمن التفاهة بهَمّ جديد، وأزمة “وجودية” من نوع خاص:
ماركات مضروبة… وأدمغة مبهورة
هوس جماعي بحقائب الماركات، تحوّل إلى صدمة العمر لدى فئة واسعة من مستهلكيها، بعد اكتشاف أن كل ذلك “البرستيج” ما هو إلا وهم مغلّف بالفالصو… تحت عنوان “صُنع في الصين”.
من “النسخ الرخيصة المقلدة” إلى أرقى الماركات، تحوّلت الحقيبة من مجرد وسيلة لحمل الأغراض إلى وسيلة لحمل الأوهام! تفاخر، تصوير، استعراض… إلى أن فجّرت الصين الفضيحة، وكشفت أن كثيرًا من تلك الحقائب التي يتباهى بها البعض، والتي يتجاوز سعر أرخصها ثمن شقة اقتصادية بالمغرب، ليست سوى نسخ مقلدة تُخاط بإتقان في المصانع الصينية.
بل، وفي كثير من الأحيان، تُنتَج النسخة الأصلية والمقلدة في نفس خطّ الإنتاج، بسعر لا يتجاوز 50 أورو (حوالي 500 درهم)!
أمام هذا الغباء الاستهلاكي، شكّلت الفضيحة ضربة قاضية وموجعة موجّهة بعناية للماركات العالمية، ومن خلالها إلى المستهلكات لهذا الوهم بالتفوّق الزائف، خصوصًا نجمات الإنستغرام اللواتي أصبن بحالة من الذهول الجماعي، وخرجن في فيديوهات يتباكين وينددن بهذه الحقيقة المرة، … بعد أن اكتشفن أن “عالم البرستيج” الذي كنّ يعشن فيه انهار في لحظة غير متوقعة.
أصل الحكاية:
لفهم خلفيات الفضيحة، يجب العودة إلى أصل المشكل، المرتبط بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية. فمنذ وصوله، اشتدّت الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، بنسخة أكثر صلابة من سابقتها. قراراته الأخيرة برفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية أعادت التوتر بين القوتين إلى الواجهة، لكن الرد الصيني لم يكن تجاريًا فقط، بل فضائحيًا بامتياز، حيث كشف المستور عن كبرى الماركات الغربية، وأسعارها التي لا تعكس حقيقة التصنيع ولا تكلفته الحقيقية
الترند الذي فجرته الفضيحة ليس مجرّد حدث عابر، بل مرآة عاكسة لتشوّه أعمق، لانزلاق جماعي نحو القشور، وافتتان بما لا يدوم، ولا يصنع أثرًا حقيقيًا. والسؤال لم يعد: ما نوع الجلد؟ أو ما بلد الصنع؟ بل أصبح: ماذا نحمل داخلنا؟ هل نحمل وعيًا أم وهمًا؟ قيمة أم واجهة؟ صوتًا يعكس الواقع، أم صورة مزيفة تطمسه تحت لمعان كاذب؟
في الختام:
لا فرق بين الحقيبة الأصلية والمقلدة… طالما الاثنتان تُحملان على كتفٍ فارغة من الوعي. ولا فرق بين البرستيج الحقيقي والبرستيج الوهمي… ما دامت العقلية “فيشنك” أصلا. والغش لم يعد مقتصرا على السلعة، بل طال المعنى ذاته.
والنتيجة؟ عقول شابة تقاد بوهم براق، وأذواق تصقل بالاستعراض الفارغ، بدل الوعي، والنقد، والتميز الحقيقي.