بقلم: مريم أبوري*
إنها صاحبة الوجه المشرق الذي انطفأ نوره ذات ثامن مارس بصمت. أيقونة الإعلام زمن البصري، مليكة ملاك، الإعلامية التي رحلت وظل وهجها خالداً.
مليكة ملاك، صاحبة الحضور القوي، الصوت الجهوري، والكلمة الصادقة التي دخلت البيوت المغربية عبر القناة الثانية، فخلقت الحدث، بتقديم واعداد برامج صالحت المغاربة مع التلفزيون، وحببتهم في متابعة البرامج السياسية والثقافية من خلال برامجها الشهير “وجه وحدث” و برنامج “في الوجهة”.
رحلت بصمت بعد أن أنهك جسدها المرض. كلما تذكرتها أو حلت ذكرى رحيلها، وجدتني أخاطب روحها الجميلة قائلة:
سيدتي مليكة ملاك،
أيقونة الإعلام المغربي،
رحلتِ عنا منذ سنين، وكأنك لم ترحلي.
لم يُنسِنا موتُك صوتَك،
لم يُنسِنا رحيلُك بهاءَ طلّتِك،
لم يُنسِنا غيابُ جسدك تربعَ روحك على قلوبنا.
كيف يُنسِينا موتُك صوتَك،
ولم يُنسِنا حضورُك تغييبَهم لك لسنوات؟
سيدتي،
رحلتِ ولم يرحل طيفُك عنا ولا عن بلاطو القناة،
لم ولن يليق قلمُك، صوتُك، وكرسيُّك إلا بك، سيدتي.
لم ولن يملأ مكانَك غيرُك.
قوتُك…
صلابتُك…
شجاعتُك…
حصارك لضيوفك…
ثقتُك بنفسك…
أدبُك…
أخلاقُك…
احترامُك لنفسك…
تجسيدُك لأخلاقيات صاحبة الجلالة…
كل هذا جعلك تتربعين على عرشها.
سيدتي،
كنتُ ولا زلتُ معجبةً بك،
كنتِ تذكرينني بالإعلامية الفرنسية الكبيرة آن سانكلير،
وأصبحتُ الآن كلما رأيتها أتذكرك.
كفاءتُك…
قدراتُك…
حُرِمنا منها بإغلاق الأبواب في وجهك.
كنتِ ولا زلتِ علماً من أعلام الإعلام،
لا أقول النسائي فقط، بل المغربي والعربي برجاله ونسائه.
ولولا الأيادي الخفية، لوصلتِ إلى العالمية.
سيدتي،
رحمكِ الله…
ورحمَنا نحن أيضًا من “طفيلات” لوّثت جسد الإعلام،
فأصبح وجهُه تعتليه بقعُ كل الأمراض:
التشهير،
نشر الفضائح،
الكذب والبهتان،
الهرولة نحو “البوز“…
سيدتي،
عذرًا، لن أثقل كاهلكِ بهمومنا ومعاناتنا مع هذا الجيش الزاحف القاتل من “زملائك وزميلاتك” الذين استولوا على كرسيّك.
سيدتي،
اطمئني، فلا زال هناك رفاقٌ لكِ في الدرب من طينتكِ يقاومون هذا التيار الجارف،
ولا زال هناك زملاءُ وزميلاتٌ من جيلكِ،
والتحق بهم شبابٌ وشاباتٌ هم بشائرُ خير.
سيدتي،
لن يضيع جهدُك،
ولا نضالُك،
ولا إخلاصُك للمهنة،
ولا احترامُك للمهنية.
سيدتي،
كنتِ وستبقين قدوةً لكل من يسير على خطاكِ، وإن كانوا قلة، فالمهم أنهم لن ينقرضوا.
سيدتي،
ارتاحي واطمئني في عالم الخلود والصفاء،
فما دمتِ أنتِ وأمثالكِ قدوةً للصحفيين والصحفيات المبتدئين،
فقدوتُكِ مضادٌّ حيويٌّ سيقضي ولو على بعض بقع “بوشويكة وبوحمرون” التي شوّهت وجه وجسد إعلامنا في السنوات الأخيرة.
سيدتي،
مليكة، كنتِ ملكةً على عرش صاحبة الجلالة،
ملاك، ملكتِ احترامَنا وحبَّنا وتقديرَنا في حياتكِ ومماتِكِ.
سيدتي…
سنقاوم نسيانكِ،
حتى لا تضيعَ منا ملامحُنا،
إذا تلاشت وغابت عنا ملامحُكِ.
سيدتي…
ارقدي بسلام عند ربّ السلام،
وارتاحي بأمان عند ربّ الأمان،
ورحمكِ الرحيمُ برحمةٍ لن تجديها إلا عند الرحمن.
*كاتبة مقيمة بفرنسا
***
في ذكرى رحيل الإعلامية مليكة ملاك، نعيد نشر إحدى حلقات برنامج “في الواجهة”، حيث استضاف البرنامج الوزيرة السابقة نزهة الشقروني، وشارك في مناقشتها كل من: عزيزة حلاق، خديجة المروازي، وإدريس كسيكس.
https://www.youtube.com/watch?v=ctVimy7btlw&t=244s