عيد الأم… بين الحب ونكهة القوق

توقيع: مريم أبوري*

اتصلتُ بأمي كعادتي كل صباح، أبدأ يومي بجرعة من صوتها الدافئ ودعواتها التي تملأني بطاقة الحياة والإقبال عليها. لكنني لم أهنئها بعيد الأم، ليس لأنني أعتبره بدعة أو لأنني لا أؤمن سوى بعيدي الفطر والأضحى، بل لأنني ببساطة نسيته تمامًا.

لم يخطر ببالي أن 21 مارس، ثاني أيام الربيع، هو أيضًا عيد الأم في عدة دول عربية. ففي ذاكرتي، ارتبط هذا العيد بتاريخ مختلف، يعود إلى سنة 1975 عندما هاجر عمي إلى إيطاليا، وأرسل هو وزوجته الإيطالية هدية لجدتي رقية بمناسبة عيد الأم في أواخر شهر ماي. ازداد هذا التاريخ ترسخًا لديّ بعد هجرة أختي إلى فرنسا، حيث كانت ولا تزال تحتفل به مع أمي في آخر أحد من شهر ماي، بينما يهنئها أبناؤها بعيد الجدة في أول أحد من شهر مارس.

عندما وجدت التهاني تتوالى على مواقع التواصل، أدركت أن العرب يحتفلون به في مارس، فصل الفرح والبهجة، فقررت أن أعيد الاتصال بأمي لأعوض تأخري في تهنئتها. اتصلت بها مرارًا حتى ردت أخيرًا، فقلت لها بحماس:

“عيدك سعيد، أمي!”

فأجابت بفرح:

“الله يبارك فيك ابنتي، والله يرضى عليك.”

لكن قبل أن نكمل حديثنا، سمعت صوتًا ينادي في الزقاق: “القوق… القوق…”، فقالت بسرعة:

“هيا اذهبي الآن، لا أريد أن أفوت مرور بائع القوق!”

ثم قطعت الاتصال ضاحكة.

هذه هي أمي، مثل كل الأمهات، فرحتها الحقيقية ليست في الاحتفالات، بل في إسعاد أبنائها. قد تفوت لحظات تخصها كي لا تضيع فرصة شراء “القوق”، تخزنه في البراد منذ مارس ليكون جاهزًا عندما نزور المغرب في الصيف. فبالنسبة لها، الاستعداد لاستقبالنا ألذ من الاحتفال بعيدها الذي يحتفي به العالم العربي كله.

أغلقت الهاتف وابتسمت، ثم قلت لها في سري:

“مبروك العواشر، أمي الحبيبة، ولكل الأمهات في العالم، مهما اختلفت تواريخ الاحتفال. فالمهم ليس اليوم، بل الحب الذي تمنحينه لي بلا انتظار لأي مناسبة.”

أحبك أمي، وكل عام وأنت بخير، بكل النكهات… بما فيها نكهة “القوق”.

*كاتبة مغربية مقيمة بفرنسا

Exit mobile version