أيها”المؤثرون” كفوا عن الأراجيف الوطن أمانة وليس تجارة

بقلم: نجيب كومينة

بعض “المؤثرين” او “صانعي المحتوى” في منصات التواصل الاجتماعي يعتقدون خطا أنهم يخدمون مصالح المغرب، عندما يضخمون ويروجون لأخبار ومعلومات من وحي الخيال، أو يقومون بلي عنق تلك الاخبار والمعلومات عن جهل او برغبة في خلق “البوز”. والحقيقة أن هؤلاء يسيئون في أحيان كثيرة لمصالح المغرب التي يزعمون خدمتها، ويسخرون أنفسهم بدون وعي، وبجهل، لخدمة من يستهدفون تلك المصالح باستعمال معطيات مزيفة يراد لها أن تروج هنا في توقيتات معينة أو بتقديم قراءات زائفة لبعض الاحداث العادية التي يتم تضخيمها وإضفاء ما ليس فيها عليها عمدا، وتصبح اقتحامهم لمجالات وتطاولهم على قضايا لا يفقهون فيها شيئا.

ولا يمتلكون القدرات المعرفية والتحليلية والسياسية للخوض فيها خطيرا على مصالح المغرب الاستراتيجية عندما يتعلق الامر بقضايا بالغة الحساسية من قبيل القضية الوطنية، قضية الوحدة الترابية، والعلاقات مع شركاء المغرب الاساسيين، وعلى راسهم الشقيقة موريتانيا التي تكتسي العلاقات معها طابعا خاصا، ولا يمكن مقارنتها بأي علاقات أخرى كما تم التأكيد على ذلك رسميا وكما هو راسخ شعبيا، رغم المشاكل التي طرأت في أوقات معينة و منها ما يعود إلى أخطاء مغاربة أو أخطاء موريتانيين تم تجاوزها بحكمة وتقدير للمعطيات المحيطة بها.

ولذلك، يجب التأكيد أن المغرب لا يستعمل أي أساليب ضغط في علاقاته بموريتانيا، حتى لما يتعلق الامر بالموقف الموريتاني من قضية وحدتنا الترابية الذي اتخذ في ظروف خاصة جدا تغيرت اليوم، وهو لا يطلب نهائيا من موريتانيا أن تدفع بعلاقاتها نحو التدهور كي تكون علاقاتها جيدة معه، لأنه لا يتبنى مواقف عدائية ضد أي من جيرانه ولا يعمل على تدهور الوضع الاقليمي من منطلق أوهام عفا عنها الزمن، كما هو الشأن بالنسبة للنظام الجزائري الذي وصل مع الحكام الحاليين الى درجة الجنون، وإنما يدافع عن وحدته الترابية والوطنية بتعقل يبقي أبواب المستقبل المشترك مفتوحة لحسن الجوار والتعاون والتكامل والسلم الدائم، و خطب الملك محمد السادس في هذا الاطار لا تترك مجالا للتأويل، وما صرح به بنكيران مؤخرا بشان رسالة تلقاها عبر الهمة من الملك بشان العلاقات مع الشقيقة الجزائر يوضح خيار المغرب الذي لا غبار عليه.

ويجب التأكيد كذلك، أن المغرب لم يطلق خطا بحريا من أكادير إلى دكار لمعاقبة موريتانيا او لتحاشي خضوع صادراته إلى دول الساحل لتحاشي رسوم الجمركية التي قررت الدولة الموريتانية رفعها مؤقتا في إطار مسعى لتطوير الانتاج الداخلي، الذي يساهم وسيساهم فيه مستثمرون مغاربة مرغوب فيهم وفي خبرتهم، بموريتانيا..

فالمغرب لا يتدخل في قرار سيادي موريتاني، و لا علاقة لما راج في وسائط التواصل الاجتماعي و صحافة كوبيي/ كولي، بأي موقف رسمي للدولة المغربية، ذلك أن هذا الخط الذي يتم احياؤه استثمار لشركة دولية خاصة تروم تسهيل انتقال الصادرات من المغرب إلى دول افريقيا جنوب الصحراء لتجاوز. الازدحام المتزايد في معبر الكركرات. وطول المدة التي تستغرقها اجراءات العبور وأيضا بعض المشاكل ذات الصلة بحالة الطرق، و حتى بعض المشاكل الامنية المحتمل حدوثها رغم خلو موريتانييا من الارهاب في السنوات الماضية. فالخط البحري ليس بديلا لمعبر الكركرات كما يشاع من طرف مروجي الجهل، والمغرب وموريتانيا يتجهان إلى تطوير معبر آخر في افق زيادة المبادلات وانتقال الاشخاص بينهما وتكريس علاقات الجوار والتعاون بينهما و أيضا لتطوير التواصل والتوادد التاريخي بين الشعبين.

وفضلا عن ذلك، فإن هذا الخط البحري يندرج في إطار عودة المغرب إلى الملاحة البحرية بقوة، بعد كارثة تصفية الشركة العمومية كوماناف والتفويت الوحشي لفائدة مالك كوماريت عبدالمولى ثم افلاس هذه الاخيرة، وهي عودة مبرمجة، و اندرجت ضمن المشاريع التي تضمنتها الاتفاقية الموقعة من طرف الملك محمد السادس و رئيس الامارات العربية المتحدة محمد بن زايد، وهناك اليوم قاعدة لصناعة السفن من شانها المساهمة في هذه العودة  وتقوية حضور المغرب في أفريقيا الاطلسية.

وإلى جانب كل ما سبق، فان موريتانيا قد التحقت بمشروع خط الغاز نيجيريا المغرب اوروبا، رغم كل مناورات الجيران، لأنه يخدم مصلحتها الوطنية، كمنتج جديد ويوفر لها امكانية تصدير الغاز الموريتاني السنيغالي، بكلفة مناسبة وفي شروط امنة. وينتظر إن تكون أول المستفيدين منه، إذا تم انطلاق الجزء الرابط بينها وبين المغرب قبل وصول الجزء القادم من نيجيريا والعابر لعدد من بلدان غرب افريقيا على مسافة أطول.

أن يكون هذا الخط موضوع مباحثات بين الملك محمد السادس والرئيس محمد ولد الغزواني، الذي يقوم بزيارة خاصة للمغرب، ومعه مشروع رفع العزلة عن دول الساحل والصحراء غير المشاطئة لاي بحر، له دلالة قوية سياسية اولا، إذ يتعلق الامر بجعل التعاون الحدودي ينتقل إلى ترابط وتكامل وأيضا بإحياء منظمة دول الساحل والصحراء، التي يوجد مقرها بنواكشوط، واقتصادية وإنسانية.

والبين، أن هذه الزيارة الخاصة لولد الغزواني للمغرب، الذي درس به بمعهد الاحصاء بالرباط و بالكلية العسكرية بمكناس، قد مكنت من فتح آفاق جديدة لعلاقات خاصة جدا بين البلدين، بعد الاستقبال الملكي الذي شكل إشارة اخوية رغم تشافي الملك من كسر، وسيكون لها ما بعدها.

ليكف هؤلاء الذين يروجون للأراجيف عن الإساءة بادعاء الدفاع عن مصالح المغرب، وليبحثوا عن مواضيع أخرى تجلب لهم المشاهدات والاشتراكات واللايكاات والاموال.. الوطن أمانة وليس تجارة.

Exit mobile version