“مهاجر إلى الصحافة”

بسمة نسائية/ أخبار/ إعلام

“مهاجر إلى الصحافة”، هو عنوان سيرة ذاتية لقيدوم الصحفيين المغاربة الإعلامي أحمد إفزارن، الذي قضى أزيد من نصف قرن في مهنة المتاعب، وخبر خباياها وواقعها.

سيرة حياة تهم المهتمين بالشأن الإعلامي.. تحفز الصحافيين “الشرفيين” الذين أعطوا الكثير للمجال ولهم في مسيرتهم المهنية أكثر من درس وعبرة وأكثر من مطب وأكثر من حافز.. وأكثر من موقف جدير بأن يروى.. “إذ ما أحوج أجيال اليوم للتعرف على أسماء تعكس حياتها قيم التضحية والنزاهة”، ومن هذه الأسماء “احمد إفزارن”، الصحفي الذي اختار التعلم والتمدرس بطريقة أخرى غير المؤسسة التعليمية.. إذ كون نفسه بنفسه في دواليبها اعتمادا على قدرات ذاتية محضة ليصبح صحافيا عن طريق التكوين الميداني من داخل المؤسسة الصحفية وليس بالتعليم النظامي الذي كان يتطلب إمكانيات مادية لا قدرة له عليها..

كتاب أحمد إفزارن ليس فقط قصة مهاجر إلى الصحافة بل تأريخ لهجرة الأجداد “من أجل الحياة” خلال فترة صعبة من تاريخ المغرب ارتبطت بنشأته في ظروف قاسية من المجاعة والاستعمار وتبعات الحرب العالمية الثانية…وما نتج عن كل هذا من “سيبة” وفوضى واعتقالات رجالات المقاومة.. هو أيضا سرد تاريخي لأحداث بداية الاستقلال التي أثرت على مسار المغرب.

بأسلوب بسيط لا يخلو من بلاغة الصحفي المتمرس العارف بخبايا اللغة والسرد، كما لا تخلو من رؤية فلسفية للحياة وللوجود، يحكي أحمد إفزارن البدايات الأولى مع كتابة الشعر وتنمر أقرانه من الأطفال الذي لم ينل منه ولم يزعجه، بل استمر في “قول ما أراد قوله”، وفي الاجتهاد ليكون في الصفوف الأولى في القسم، مع إحساس بـ “نمو فكري يواكب في داخله القراءة والكتابة”.

ذاق ضنك العيش في هذه الفترة من حياته وهو يتأهب للهجرة إلى الرباط.. إلى الصحافة، مبتغاه الوحيد.. فيحكي الانطلاقة الأولى من جريدة الأنباء الحكومية، تدريباته وتكوينه المستمر حرصا منه على الحضور في أي تدريب ممكن.. ثم مروره بالتصحيح والتحرير.. مرورا بالطباعة وبكل المتاعب التي تعرفها المهنة.

وفضلا عن أنه يلقي الضوء على تاريخ من النجاحات والإحباطات لأحد قيدومي مهنة المتاعب، فالكتاب مرجع مهم ينصح به كل صحافي ناشئ.. يسعى للارتقاء في مساره المهني.. لأنه يتضمن دروسا وأفكارا قيمة في البحث والكتابة، وفي فن الاتصال الذي كان المؤلف يرى ضرورة تدريسه بمختلف مراحل التعليم العمومي… لتنشئة أجيال تحسن التواصل والاندماج والتعايش… كما يتضمن وصايا لتجنب انزلاقات قد يقع فيها أي صحافي مبتدئ أو متمرس.. من أهمها الغرور.

بعد تدرجه في محطات عديدة منها الأنباء، العلم ولوبينيون، صوت الشعب، إذاعة ميدي 1، إذاعة طنجة المتوسط، أصدر أخيرا جريدته من شمال المملكة “الخضراء الجديدة” التي كان صداها يتجاوز حدود الشمال إلى الرباط وباقي مدن المملكة.

لقاءاته بالأدباء وكبار الصحفيين والشخصيات سواء داخل المغرب أو خارجه زاده طموحا للاجتهاد وتقديم أقصى ما لديه من خبرة لخدمة أجيال من الصحفيين عن طريق التكوين والتدريب.

ويقع مؤلف “مهاجر إلى الصحافة” في 245 صفحة، ويعد سابع مولود لزميلنا أحمد افزارن، بعد أول مجموعة قصصية في الخيال العلمي بعنوان “غدا”، و”قاع الدنيا” و”اعترافات روبوت”، و”عام الزفت”، و”القادمون”، و”أبناء الشمس”.

العمل الصحفي لم يثنه عن ممارسة العمل الجمعوي، فكان مؤسسا لعدد من الجمعيات الثقافية والتنموية.

من أقوالأحمد إفزارن:

“لا تترك الثقافة عندك، مررها إلى غيرك، لكي يستفيد معك، وأنت معه تستفيد. الثقافة المتبادلة تُنعش وتنتعش”

“إن الصحافة إذا مورست أخلاقيا وضميريا وعلى أساس تقديم الحقيقة، ولا شيء سوى الحقيقة، هذا يفيد مستهلك المادة الصحافية والإعلامية، الذي يجد في هذا المهني الصادق قدوة لنفسه ولغيره، وخادما للمجتمع والبلاد والمواطن وكل ما هو مواطنة وإنسانية..

Exit mobile version