بسمة نسائية/ عزيزة حلاق
3700 إطار مغربي يغادر المغرب سنويا، منهم حوالي 700 طبيب وما بين 2000 و 3000 مهندس، بالإضافة إلى 30 ألف عامل في مجال السياحة.
أرقام صادمة ووضع معقد، واشكالات متعددة، كشف عنها، في ندوة فكرية حول واقع هجرة الأدمغة والكفاءات المغربية للخارج، وجرت مناقشتها أمس في لقاء نظمته جمعية قدماء مؤسسة النهضة (سلا) واحتضنتها مؤسسة أبوبكر القادري للفكر والثقافة.
وجاء في الورقة التقديمية للندوة، أن عدد الأطباء الذين يزاولون خارج المغرب (خاصة باوروبا)، يتراوح بين 10.000 14.000 طبيب (المصدر: المجلس الوطني لحقوق الانسان -2022). وتغادر المغرب سنويا نسبة 30 في المائة من مهني الصحة.
وإن كان هذا، من حيث القيمة العددية لهجرة الكفاءات، الطبية ومهني الصحة، فإنها تكلف المغرب ما بين 0،10 و 0،25 في المائة من الناتج الداخلي الخام ما يعني (ما بين مليار و 100 مليون درهم ومليارين و767 مليون درهم في السنة. (المصدر: تقرير سابق للمجلة البريطانية).BM
مؤشرات واحصائيات أخرى طرحت في هذه الندوة، ففي سنة 2000 مثلا، غادر المغرب 60 في المائة من خريجي المعهد الوطني للبريد والمواصلات.
ومن أصل 8000 مهندس تقني يتخرجون سنويا من الجامعات والمعاهد المغربية، يغادر منهم كل سنة ما بين 10 على 20 في المائة ( المصدر: الاتحاد المغربي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات).
ووفق مصدر عن الوزارة المكلفة بالهجرة، فإن أكثر من 400 ألف مغربي مقيم بالخارج يتوفر على الماستر أو الدكتوراه.
ومن الأرقام التي وقف عنها المشاركون في هذه الندوة، هو النسبة التي وصلت إلى 44 في المائة من المغاربة المستجوبين عبروا من خلال بحث أجري حول سؤال العودة إلى المغرب، عن أن هذه النسبة وهي قريبة من نصف المستجوبين، تفضل البقاء بالمهجر مدى الحياة.
فكان السؤال المحوري الثلاثي الأضلع، الذي حاولوا تحليله ومناقشته، هو لماذا هاجر هؤلاء في الأصل أو ما هي دوافع هجرة الكفاءات؟ ولماذا يرفضون العودة في إطار هجرة معاكسة، وكيف يمكن تشجيعهم للعودة وما هي الآليات الممكنة لذلك؟
أجوبة وحلول وأفكار كثيرة وقيمة طرحت للجواب على هذه الإشكالات، تناولها بالتحليل والتفحيص، الأساتذة الذين أغنوا النقاش في هذه الندوة الفكرية، التي افتتحت بكلمة ترحيبية من قبل ذة. أمينة أوشلح رئيسة جمعية قدماء مؤسسة النهضة. وساهم فيها كل من ذ. محمد الخشاني بمداخلة تحت عنوان: ” هجرة الكفاءات والأدمغة أسبابها وتداعياتها”، وذة. نزهة الشقروني التي طرحت إشكالية “التصدي لهجرة الأدمغة وسبل الحد منها” وناقشت المداخلة الثالثة التي قدمها ذ. محمد بن عبد القادر” تدبير إشكالية الهجرة والمقاربة القانونية”.
وبالنظر لأهمية الموضوع وراهنيته، وللكم الهائل للأفكار التي أثيرت من قبل المتدخلين في هذه الندوة التي أدارها باقتدار ذ. عبد الوهاب المريني، والتي تعززت بالنقاش المفتوح، للحضور النوعي الذي تابع باهتمام بالغ أشغال هذه اللحظة الفكرية، سيكون من المفيد جدا توثيق هذه المداخلات في كتيب والمساهمة بها في معالجة هذه الظاهرة التي باتت تشكل احدى التحديات التي تواجه الدول النامية ومن بينها المغرب طبعا، وأصبحت تكلف البلاد خسائر كبيرة تعيق مسار التنمية والتقدم، وقد نبه جلالة الملك محمد السادس، إلى ذلك، في في خطاب 20 غشت الأخير، حين دعا الى التعبئة الشاملة من اجل تحفيز اندماج فعال للكفاءات المغربية في جميع المجالات واسهامهم في ازدهار البلاد وتنميته. لكن، إذا كان المطلوب – كما جاء في خطاب جلالته، من الجميع باحثين واطرا وفاعلين سياسيين واجتماعيين ومسؤولين في مختلف المجالات مواجهة هذه المعضلة لتحديد أسبابها ودوافعها ومختلف تداعياتها على المسار التنموي لبلادنا، يبقى من الضروري والملح العمل أولا، على وضع استراتيجية وطنية بآليات عملية شاملة، لاسترجاع من جهة الأدمغة المهاجرة إلى بلدها، ووقف من جهة ثانية، هذا النزيف والاستنزاف لكفاءات جديدة باتت تفكر هي الأخرى، في الهجرة بحثا عن ظروف عمل واشتغال أفضل، تحترم فيه الكفاءة والكرامة والاعتراف والتقدير.
فكيف يمكن مقاربة هذه الإشكالية على الواجهتين، الداخلية والخارجية؟ ومن المسؤول عن تدبير هذا الملف؟ أسئلة ضمن أخرى تبقى مطروحة على كل الفاعلين، للمساهمة في مواجهة هذه الظاهرة، ومواصلة نقاش هذا الموضوع الحارق الذي كان لجمعية من المجتمع المدني ( جمعية قدماء مؤسسة النهضة بسلا)، فضل المبادرة بفتحه وطرح مختلف جوانبه للتحليل والمناولة.