كفانا هراء..

سوق العمل يسع كفاءات النساء والرجال

بسمة نسائية/ أصواتهن

بقلم: كريمة رشدي

كلنا نعرف أن عددا كبيرا من النساء لم يسعفهن الحظ في الدراسة، لأنها كانت تعتبر مضيعة لمال الأسرة، وتقلص من يد عاملة بالمجان داخل الأسرة، وقد تشكل تهديدا لسمعة لأسرة إذا اشتغلت بناتها، وحققن استقلالية مالية، إذ كان الآباء يخافون أن ينعتوا بقلة ذات اليد ولا يرضون أن يقال عنهم بأنهم غير قادرين على إعالة بناتهم.

قبل سنوات، حين بدأت النساء تخرجن إلى العمل، كانت الأغلبية تشتغل في التعليم أو التمريض، أو الوظيفة الإدارية، وكانت غالبية الفتيات تتركن العمل بمجرد الزواج، أو الإنجاب، إلا القليلات اللواتي كن متشبثات بعملهن الذي يضمن لهن الكرامة والاستقلالية.

تحضرني قصتان لامرأتان،

الأولى لم تترك عملها كمعلمة آنذاك، رغم توفر زوجها على إمكانيات مادية. لم تكن زهرة تعرف كم هو راتبها لأن زوجها الميسور الحال هو الذي كان يذهب لاستخلاصه (أيام المانضة الصفراء)، وكانت تضطر لطلب كل احتياجاتها منه، كي تحافظ على عملها، إذ كانت مثلا، خياطة جلابة تفوق راتبها أضعافا مضاعفة، رغم ذلك صمدت وتشبثت بعملها، ورعاية أبنائها وخدمة زوجها وضيوفه. أخذت زهرة راتبها لأول مرة بعد وفاة زوجها، وكانت آنذاك قد تقاعدت عن العمل بسنوات.

المرأة الثانية من جيل البنات اللواتي درسن بالجامعة وتخرجن أستاذات، كانت نبيلة أستاذة للغة العربية بثانوية بمدينة صغيرة. تزوجت بمهندس يشتغل بالعاصمة، وعدها بأنه سيدفع لها ذلك الراتب “البئيس” أضعافا مضاعفة، وثقت بالوعد، وتركت عملها. مرت السنة الأولى وكانت نبيلة الزوجة الشابة الجميلة، تعيش فوق سحابة سعادة زائفة، استفاقت منها على فقدان عملها وضياع الراتب والوعد الكاذب لزوج بدأ يسيء معاملتها، ويعنفها، لأنها منحته الثقة، ومفتاح استقلاليتها، وحريتها في البقاء معه أو المغادرة. لم تغادر نبيلة زوجها لأنه معيلها، هي وأبناؤها.

وظائف النساء ليست هي السبب في عطالة الرجال، وكل خيباتهم، والذين يعتبرون أن اشتغال النساء يشكل تهديدا لعملهم ورجولتهم، فقد حان الوقت كي يستفيقوا من هذا الوهم، فسوق العمل يسع كل كفاءات النساء والرجال، فكفى من هذا الهراء لأن الانسانية ليست مستعدة للرجوع إلى الوراء.

في الأخير نقول لكل الحاقدين على اشتغال النساء، لن نتخلى عن استقلاليتنا المادية، سنحافظ على وظيفتنا، ولن نتركها إلا من أجل مشروع أكبر نطور به مساراتنا الشخصية والمهنية.

 

Exit mobile version