بقلم: سعيد رحيم
صور: بسمة نسائية
لم تمض سوى ساعات قليلة على اللقاء، الذي نظمه نادي الصحافة بالمغرب يومي 2و3 دجنبر 2022 بمركب بوزنيقة، والذي انتقد فيه الصحافيون المهنيون المظاهر السلبية في المشهد الإعلامي المغربي، خاصة فيما يتعلق بانتهاك مبدأ التعددية، حتى تأكد ذلك جليا في، في اليوم الموالي، في النشرات الإخبارية للإعلام العمومي.
ففيما حرص الإعلام العمومي، خاصة السمعي البصري، خلال الأيام الأخيرة ومايزال، على نقل المسيرات والتظاهرات الاحتفالية للمواطنات والمواطنين المغاربة تعبيرا عن فرحتهم بإنجازات المنتخب الوطني لكرة القدم في منافسات مونديال 2022, لاحظ الرأي العام والمتتبعون للشأن الإعلامي امتناع القنوات العمومية عن نقل المسيرة الوطنية التي نظمتها الجبهة الاجتماعية المغربية المكونة فعاليات شرعية سياسية ونقابية وحقوقية وجمعوية.. صباح يوم الأحد 4 دجنبر بالرباط، تحت شعار “لا للغلاء والقمع والقهر”، وشارك فيها عشرات الآلاف من المغاربة، المغتبطين أيضا باستعراضات ونتائج المنتخب في قطر.
وينص الفصل 28 من الدستور على مايلي: “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.”
للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة.
تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به.
يحدد القانون قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها. ويضمن الاستفادة من هذه الوسائل، مع (احترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية للمجتمع المغربي).
وتسهر الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على احترام هذه التعددية، وفق أحكام الفصل 165 من هذا الدستور”.
في اللقاء الأخير الذي عقده الصحفيون المهنيون نهاية الأسبوع المنقضي وفي لقاءات سابقة احتضنتها منظمات حقوقية بما فيها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تم التطرق إلى واقع الصحافة والإعلام والاتصال في المغرب بتركيز على ما يعرفه هذا القطاع من رداءة وتفاهة وغياب لأخلاقيات المهنة الناجمة أساسا عن عدة عوامل، ليس أقلها اتساع فضاءات الأنترنيت وعدم القدرة على التحكم فيها، بل أيضا عن ضعف في التكوين وفي احترام المبادئ الأساسية لتداول الأخبار ومعالجتها والتعليق عليها… ويتحمل الإعلام العمومي المسؤولية الكبري في هذا الشأن، خصوصا ما يتعلق باحترام التعددية، كما نص عليها صراحة الفصل 28 من الدستور المشار إليه أعلاه.
إن عدم احترام هذا الفصل بشكل عام، بمهنية أخلاقية، هو ما يساعد على فتح المجال أمام تداول الأخبار الزائفة وانتشار الرداءة والتفاهة في فضاءات الاتصال الاجتماعي وغيرها. وحرمان المواطن المغربي من حقه في الاستفادة من الخدمة العمومية المفترض تجليها في الإعلام العمومي، الذي تخلى عن دوره ومسؤوليته الكاملة، هذا الباب.
ويترتب عن الإخلال بهذه الوظيفة الموكولة إليه مهنيا وأخلاقيا ودستوريا، والتي تصمت عنها كذلك الهيئة العليا السمعي البصري، لجوء المواطنات والمواطنين المحرومين من الخدمة العمومية، إلى التقاط ما يهم بلدهم، من القنوات الأجنبية ومن وسائل للتواصل الاجتماعي..
وهذا ما يجسد، بالطبع، طعنة في ظهر الدستور..وما يترتب عن ذلك من طعن في مبادئ وأخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام والإتصال في المغرب.