مونديال قطر:ضربٌ من “المقت الحضاري”

بقلم: د.نور الدين العوفي

أُطالع ما تكتبه الصحف الغربية، الفرنسية بالخصوص، عن “مونديال قطر”. لا أملك سوى أن أرى ما قد لا يُرى عن حُسْن ظن، وإن من الحزم سوء الظن. صحف جادة، نخبوية، محسوبة على اليسار، وأقلام معروفة، ذات صيت، عالية الكعب، ومقالات ظاهرُها المونديال، وباطنُها دولة قطر، ومن ورائها جغرافية العرب. لا شيء يسرُّ العين هنا. الملاعب، بنيات الاستقبال، التنظيم، المواكبة، كل ذلك بذخ، ترف، إسراف، زهو، خيلاء، تيه في الفلاة..

ما تُسْهب فيه المقالات هو فيما تريد أن تُلْفت، أو تُحوِّل، إليه النظر، بعيداً عن زينة المونديال، أي في تلك ” الدماء والرمال ” التي بها وفوقها بنيت ملاعب، كما شُيِّدت قصور. حق يراد به باطل. وكأن تاريخ الغرب لا شية فيه، وكأن الدماء لم تنهمر، والدموع لم تنسكب، ولا تزال، ليتقدم الغرب، ويتأخر غيره. المسكوت عنه هناك، لا مانع من أن يُجْهر به هنا، والخفي من شروط التمدن هناك، لا بأس أن يُماط عنه اللثام هنا. الكيل بمكيالين. المقالات إياها تنضح ب ” شيء ما “يشي بالكراهية، أو العنصرية، أو الاستعلاء، وقد يذهب المرء إلى أبعد من ذلك، فيسمه ب ” المقت الحضاري”. ما يقال عن قطر، قيل أيضاً عن مصر بمناسبة تنظيمها ل “كوب 27 “، وعن المملكة العربية السعودية، وعن بلدان عربية أخرى تحاول أن تحذو حذو الغرب، وحينما تظفر بنصيب من النجاح، فإذا هو فاسد، وممجوج، وممقوت. وما يقال عن العرب، قد قيل في حق الصين، وبلدان آسيوية أخرى. ” “المقت الحضاري “، وهو ” مقت ” تاريخي، يرْمي بالنقص الثقافة المغايرة، الضاربة جذورها في الحضارات الإنسانية الأخرى، أنماط حياة يريدها بائدة، متحللة في العولمة الرأسمالية، وفي الحداثة التي يريدها كونية، لا شرقية، ولا غربية.

Exit mobile version