ماذا بعد ندوة ” محتوى وسائط التواصل بين حرية التعبير والتفاهة”؟

بسمة نسائية/ عزيزة حلاق عن لجنة المتابعة/ صور: محمد بلميلود

حين أطلقنا عريضة ” توقفوا عن تحويل التافهين إلى قدوة ونجوم، في 10 أكتوبر المنصرم 2022، لم نكن نظن أنها ستلقى كل هذا التجاوب القوي من قبل المواطنين، والإعلاميين والمثقفين ومختلف فئات المجتمع. وزاد الاهتمام بعد الندوة التي احتضنها المعهد العالي للإعلام والاتصال تحت عنوان:” ” محتويات منصات التواصل وحدود التماس بين حرية التعبير والتفاهة”، يوم 10 نونبر الجاري، تزامنا وتخليد اليوم الوطني للإعلام، في ظل واقع إعلامي أقل ما يمكن أن نقول عنه، ليس بخير.

ليس بخير مع التحولات الهائلة التي عرفها المشهد الإعلامي ككل، لأسباب عديدة ومتداخلة، لعل أهمها السياقات السياسية الوطنية وتصدر الإعلام الجديد للمشهد الإعلامي، أو ما بات يعرف بالميديا الشعبية، وانتشار التفاهة بحثا عن الشهرة الاجتماعية أو “البوز”، ومسؤولية بعض القنوات أو ما يسمى بالإعلام الحر، في هذه الديناميكية، وتشجيعها ضدا على أخلاقيات مهنة الصحافة وقواعدها.

من هذه الخلفية كانت مبادرتنا في إطلاق عريضة:” أوقفوا جعل التفاهة والتافهين قدوة ونجوم”، وجرى التأكيد عليها في ندوة ” محتويات وسائط التواصل بين حرية التعبير والتفاهة”، من خلال المساهمة العلمية والفكرية، للأساتذة الذين شاركوا في هذا اللقاء، عبر دعوة وسائل الاعلام العمومية بالخصوص، لفتح أفق جديد في التعامل مع ظاهرة التفاهة، وفق ما هو متعارف عليه عالميا، ووفق مقاربة تربوية وإعلامية والاجتهاد في إنتاج محتويات ومضامين مضادة، خاصة بالإعلام العمومي السمعي البصري المطالب بالارتقاء بمنتوجه، لتجنيب المجتمع المغربي من الانزلاق في تتبع وادمان المضامين التافهة، من خلال تعميم التربية على وسائل الاعلام في المناهج التربوية والتعليمية، ومن أجل انتاج جيل يكتسب مناعة ثقافية تمكنه من تبيان الفرق بين المضامين التافهة والجادة.

منذ الأيام الأولى على إطلاق العريضة، كان تجاوب المواطنين إيجابي وجميل من داخل وخارج الوطن) (يمكن تصفح العريضة الاليكترونية ستجدون توقيعات من مختلف جهات المملكة ومن مختلف البلدان الأجنبية) وحظيت أيضا بتجاوب من قبل الصحافة ووسائل الاعلام من مكتوب وسمعي – بصري والكتروني ومنصات التواصل من خلال حوارات مع أعضاء لجنة متابعة العريضة (جمال المحافظ، عزيزة حلاق، الدكتورة فاطمة العزيزي والإعلامية خديجة القرشي).

إطلاق العريضة، تلته متابعة إعلامية مهمة عبر إنجاز روبرتاجات وبرامج حول الظاهرة وإعطاء الكلمة للمواطنين، فكان تفاعلا إيجابيا، سار أغلبيته في اتجاه دعم مضامين العريضة، وحرك النقاش حول هذا الموضوع وهو ما نعتبره مكسبا في حد ذاته.

لكن، ومقابل الأصداء الايجابية مع العريضة والمتابعة الإعلامية التي حظيت بها، عبرت بعض الأصوات عن توجس من المبادرة، منهم من رفض التوقيع على العريضة وهذا من حقهم طبعا، وبرر البعض الموقف الرافض للتوقيع، من أن يكون للعريضة وقع عكسي على حرية التعبير. وعزا البعض هذا التوجس من أن تستغل العريضة كذريعة للبرلمان لإحياء مشروع قانون استعمال الانترنيت الذي انتفض المجتمع الحقوقي كله ضده، وأقبر في 2019.

وهنا لابد من أن نعترف أن هذا نقاش كبير ومعقد، يدخل ضمن إشكالية التضييق على منصات الشبكات الاجتماعية في سياق العلاقة الارتباطية بين السلطة والإنترنت والحريات…وسيكون لنا لقاء لاحقا حول الموضوع.

المهم، وكما ذكرت، أعلاه، هناك من رفض التوقيع، بناء على موقف ورأي يحترم، لكن، هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك، لم يكتف برفض التوقيع وحسب/ وكفى، بل ذهب إلى حد توجيه سهام التهكم على مبادرتنا ووصفنا بالحمق، وبأننا أكثر من الفاشيين، ومنهم من تحدث عن ” نظرية المؤامرة”، و”شي كلام كبير”….وحمل المبادرة أكثر مما تحتمل..

فكان لا بد من التوضيح أن العريضة، مبادرة مدنية وراءها مجموعة من الأصدقاء صحافيين وإعلاميين، حركتهم الغيرة على مهنة الصحافة وعلى التسيب الذي طالها والرداءة التي باتت تتصدر المشهد الإعلامي، من خلال ما يقدم من منتوج متدني بعيد عن أخلاقيات المهنة وقواعدها.

ونؤكد من جديد، أن العريضة موجهة بالأساس للمؤسسات المعنية بالقطاع الإعلامي، لصيانة الحق في التعبير والابداع مع مسؤولية احترام أخلاقيات مهنة الصحافة والتواصل، وليست دعوة كما قيل عنها، للجم الحرية وقمعها.

لكن، وكما قلنا منذ البداية، تظل كافة الملاحظات مرحب بها وأيضا المبادرات فهي لن تكون على العموم إلا مفيدة قد تساهم في الارتقاء بمستوى النقاش العمومي الذي لا محالة سيمكن من التوصل الى خلاصات ومقترحات وبدائل تطرح وتواجه بها هذه التفاهات، مع العلم أن هذه الظواهر لها طابعا عالميا لا يكاد ينجو منها أي مجتمع مهما كان مستوى تقدمه وتطوره.

من هنا كانت فكرة تنظيم الندوة، التي طرحت خلالها الكثير من الملاحظات والتوصيات، واعتبرت لقاءا علميا وأكاديميا غير مسبوق، عرف حضورا نوعيا، تفاعل بشكل كبير مع فكرة العريضة، وموضوع الندوة، ومداخلات الأساتذة المشاركين، وانتهى بالإعلان عن إحداث لجنة للمتابعة، تضم الأسماء التي شاركت في الندوة، وأخرى أعربت عن رغبتها الانخراط في هذه المبادرة. وأوصت باستثمار التوصيات والمقترحات وديباجتها وتنظيم لقاءات أخرى لمقاربة الموضوع من زواياه المختلفة.

الندوة وكما قال عنها جمال المحافظ، “مايسترو اللقاء”، كانت بمثابة نقطة نظام، والعريضة كانت الحجر الذي ألقي به في بركة راكدة، فحرك هذا النقاش العمومي، حول مظاهر التفاهة في وسائط التواصل، وحرية التعبير.

 

وخرجنا بتوصيات فتحت افقا جديدا للتفكير حول الموضوع، وهو ما ستنكب عليه لجنة المتابعة التي ستتوجه بالأساس إلى المؤسسات التي ينبغي ان تلعب دورا كبيرا في مواجهة هذه الظواهر، المسيئة للمجتمع ككل، في مقدمتها المؤسسات التعليمية بكل مستوياتها.

وأيضا التوجه لوسائل الإعلام من أجل بدل مجهود كبير للتحسيس والتعريف بأن الصحافة والإعلام ليس مهنة من لا مهنة لها، وغير مسموح للإساءة لمهنة الصحافة وقواعد العمل الإعلامي التي من مبادئها الأساسية حماية وصيانة حرية التعبير.

ومن بين المقترحات أيضا، تجويد محتويات وبرامج وسائل الاعلام، ليس فقط العمومية بل وأيضا كل الوسائل بصفة عامة. وأن تقوم الجامعة والبحث العلمي بمواكبة وتأطير الأبحاث في هذا المجال الذي يعرف فراغا خاصة على مستوى الأكاديمي.

ندوة الرباط التي نظمت تحت عنوان ” محتويات وسائط التواصل، بين حرية التعبير والتفاهة” شارك فيها كل من:

1/ الكاتب والإعلامي عبد العزيز كوكاس بمداخلة تحت عنوان:

– الحدود الدقيقة بين الحرية والتفاهة في وسائط التواصل الاجتماعي

2/ د.زهور كرام: أستاذة جامعية متخصصة في الثقافة الرقمية وهي أيضا مديرة مجلة روابط رقمية روائية وناقدة.

عنوان المداخلة:

كيف نفكر في المحتوى الرقمي؟

3/ عز العرب العلوي: مخرج وسيناريست سينمائي أستاذ للإخراج في العديد من المؤسسات الجامعية وهو أيضا رئيس مركز سجلماسة للأبحاث والدراسات السمعية – البصرية..

عنوان المداخلة:

انتاج التفاهة سينمائيا: فصل الخطاب في ذريعتي الكم وشباك التذاكر..

4/ الخبير في الإعلام والتواصل عبد الوهاب العلالي

عنوان المداخلة:

– صناع المحتوى وتحديات الاعلام الراهنة

5/ فدوى ماروب فاعلة جمعوية:

عنوان المداخلة:

-محتويات وسائط التواصل في المنظومة الإعلامية.

 

Exit mobile version