مولات الخيط وبكارة العويتقات..

أعطاب المجتمع كثارت...ومنين غادي نبداوا؟

عزيزة حلاق.

– بوتين سيعلن الحرب النووية وهذه ليست مزحة..

– الحاجة: إذا دخل الرأس في الخيط، فالفتاة ماشي عويتقة!!!!

أستعير هذه التدوينة المختصرة جدا، من صفحة الكاتب والروائي عبد العزيز العبدي الفايسبوكية، التي عبر من خلالها بأسلوبه المتفرد الساخر في رصد وقراءة وتحليل أعطاب المجتمع عما أسماه الهوة الحضارية..

أحد المتتبعين علق على التدوينة، بالقول: ّإنها الهوة الحضارية بين ناس طوروا النووي واحنا باقيين حاصلين فالمنوي… وقال آخر بتهكم: الحمد لله جربناها… حتى جداتي طلعات عويتقة..

شر البلية ما يضحك، أصل التدوينة، أنه قبل أيام تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لسيدة (كتبان بعقلها) فاجأتنا بكلام خارج عن العقل، حين أوصت الأمهات باختبار عذرية بناتهن يوميا بعد عودتهن إلى البيت. والطريقة سهلة:

قياس حبل على مستوى العنق ومحاولة إدخاله في الرأس، فإن دخل فتلك مصيبة، وإن “حصل” وتعذر تجاوزه للرأس فالفتاة سليمة…وللأم أن تفرح وتزغرد….”لبنيتة باقا عويتقة”..

أحد الأشخاص ممن يقدمون أنفسهم بالفقيه والشيخ، ظهر على قناة من تلك القنوات التي باتت تملأ المشهد الإعلامي( أو بمعنى أصح تلوثه)، في فيديو يرد فيه على “الحاجة مولات العقل” وعاب على ما قامت به، ونبهها بأن الأمر مجانب للصواب، (قلنا.. مزيان)، لكن، المصيبة هي حين قال بأن الطريقة التي اعتمدتها هاد “الحاجة” في قياس العذرية، هي غير ذلك، بل تخص مشكل “الثقاف” وليس “العذرية”..بشاخ……أولدي. جا يكحلها عماها…

هنا سيأخذ النقاش منحى تصاعديا من “التخربيقولوجي”..( واش العذرية ولا الثقاف)؟؟؟؟( دابا غير اتفقوا…)

الفقيه العجيب، ( مشا بعيد في تفسيره) وأسهب في سرد “نظريته” بخزعبيلات ما لها من سلطان، ربط الخيط بالسحر والجن…و”شي تخربيق مجهههههههههههد”…

حين نثير هذه الخزعبلات، فليست الخطورة في ذاتها بل في تصديق الناس لها وترويجها، وتأثر النشأ بها. والأدهى أن نجد قنوات تكرس لمثل هذه الخرافات، وتخصص لها سهرات ليلية “تثقيفية”، وتمعن بذلك في استفزازنا وتتفنن في إهانتنا ببرامج يتناوب عليها “الرقاة والمشعوذين” بمحتويات “كتضر فالخاطر”، تعطى لهم الكلمة وتخصص لهم حصة زمنية طويلة للترافع والتناظر فيما بينهم…. وهم لا يدركون أو يدركون خطورة ما يفعلون بنشر هذا الهراء.. وتخريب الوعي الجمعي بأفكار معجونة بالتفاهة والخواء والتطبيع مع هذه الكوارث… وتلويث المشهد السمعي- البصري..

خطابات وأفكار وممارسات ما زالت تلقى للأسف، من يؤمن بها في مجتمعنا ونحن في عالم تجاوزتنا مجتمعات أخرى بسنوات ضوئية علميا وثقافيا وحضاريا.

رحم الله استاذتنا فاطمة المرنيسي، أيقونة علم الاجتماع بالمغرب، ماذا كانت ستقول، هي التي ناضلت من أجل تحرر المرأة المغربية والعربية وكرست حياتها لترسيخ التفكير العقلاني التنويري؟ ماذا كانت ستقول وهي ترى مثل هؤلاء الهبل ينشرون “ّثقافة الجهل والتجهيل”، ويكرسون عنوة مع سبق الإصرار والترصد، لعقلية ظلت تحاربها طيلة حياتها، عقلية تؤطر المجتمع وتختزل شرف المرأة في عذريتها، عذرية تقاس ب”قنبة” قد تدخل أو لا تدخل في الرأس…؟

ما يحدث اليوم في العالم الافتراضي وما يجري تناقله ونشره بين الناس، يكشف عن حجم الأعطاب الاجتماعية الكثيرة التي تنخر المجتمع.  شباب يعيش منفصلا عن المجتمع  وعن عالمه..عالمه هو ما يتابعه على اليوتوب والتيك توك …ومن أراد أن يعرف إلى أين نحن سائرون، ما عليه إلا أن يلتقط الكثير الكثير من خلال ما يقدم للشباب وما يفكر فيه الناس من خلال محتويات ما يتابعون… وتعاليقهم وتفاعلهم مع هذه المحتويات…

لنترك كل هؤلاء التافهون، وسباقهم المحموم نحو “الطونطونس”..و”الأدسنس”، ولنلقي نظرة على بعض مؤشرات أعطاب المجتمع الحقيقية التي تستدعي منا الاهتمام والنقاش..

الأعطاب كثيرة من أين نبدأ؟

– 28 حالة طلاق في الساعة في المغرب.

– تهجير وتشريد عشرات الأسر بدوار العياشي ضاحية سلا، وتفاصيل معاناة من اقحمتهم ظروف الحياة ليدفعوا ثمن استغلال غيرهم لنفوذهم المادي في تواطئ مع من استغلوا مواقعهم السلطوية بمفهومها الشرس.

– 25 زيادة في أجور الموظفين (تحت عنوان خبر مفرح للمواطنين)..

– شباب يعيشون في وطن ولا يحلمون بشيء غير مغادرته..

– طفلة مغتصبة، تموت بعد أن خضعت للإجهاض السري أمام والدتها…

–  وفاة 19 شخصا بسبب خمور فاسدة بالقصر الكبير..

وأخر ما كاين، ياسين العمري ( الشيخ) قاليك خص تعويض مادة الفيزياء الحالية بتدريس فيزياء مسلمة..( وسير تفهم )..

(نزيد ولا بركة …وقيلا باركا …والدائرة تدور…وأخبار كارثية تتناسل…وإعلام التفاهة يواكب يغطي ويعري ولا أحد يتجرأ ويصرخ: اللهم هذا منكر… والأغلبية حالة فمها مضبعة مقرقبة عايشة مرفوعة في عالم غير العالم..

لا يجب ان نستخف بهذه الأمور، فليست يسيرة ولا هي مطمئنة… يجب ان ننتبه الى أننا نعيش انتكاسة حقيقية على كل المستويات…. لا نحن نسير في درب التقدم ولا نحن نعترف بتخلفنا… لقد ورطتنا الحياة في مجتمع كثرت أعطابه، فلا نحن قادرين على إصلاحها ولا نحن جاهلين.. فنتجاهلها…

هو الوعي الشقي في مواجهة قسوة الضمير….

أمام هذا العراء الأخلاقي والفكري وهذا الصمت الرهيب…ماذا بقي أمامنا؟ غير أن نركن إلى الصمت كما فعل كثيرون من قبلنا؟

غادي نشدوا الأرض ونبقاوا نشوفوا ونسكتوا .. هذا ما يريدونه منك: تدخل سوق راسك، واللي شفتيه راكب على قصبة قول ليه بالصحة العاود. ولا قديتي  تطبل له…زيد من عندك و قل ليه “تبارك الله عليك”..راك واعر…

هذا هو الحال الذي يغني عن المقال.

 

 

 

 

 

 

Exit mobile version