في وداع الفنان هشام سليم:  مبدع وكفى..

كتبها: الناقد المغربي فؤاد زويريق

ستائر الموت تُفتح من جديد لتحصد وجها آخر من وجوه المشهد الفني بالعالم العربي، حفرة أخرى تحفر في عصاب لحمة الإبداع المصري، إحساس بالاختناق أو ربما هو إحساس بالظلم يصيبنا كلما اختفى مبدع يذكرنا بزمن جميل ولّى ومضى ، هشام سليم يغادر هذه الحياة معلنا انشقاقه عنها وعنا، لن أقول عنه الكبير ولا العظيم ولا العملاق فهي صفات استحدثها المتكبرون والمغرورون من الأباطرة والملوك والكَهنة …  والفنان ليس امبراطورا ولا ملكا ولا كاهنا، الفنان يَسبح في سماء لوحده، إمبراطوريته الخالدة قلوب الناس، وتاجه إبداعه، وصولجانه موهبته، وهشام سليم  مبدع وكفى.

انطلق في عالم الفن صغيرا، إذ لم يتجاوز الثانية عشر من عمره عندما امتطى كاميرا المخرج حسين كمال وحلق بها عاليا، حسين كمال منحه فرصة الظهور في فيلمه ”إمبراطورية ميم” سنة 1976 وبتزكية من الفنانة فاتن حمامة التي لعبت فيه دور البطولة، بدأ كبيرا رغم حداثة سنه حيث وقف أمام كبار المبدعين آنذاك، لم يخيب ظن فاتن حمامة ولا حسين كمال حيث أبان عن موهبة استثنائية فتحت له الباب ليدخل عالما كان مقتصرا على الموهوبين بحق، وليس كما اليوم، بعدها سنة 1975 شارك في فيلم ”أريد حلاً” للمخرج  سعيد مرزوق، ليتلقفه المخرج يوسف شاهين سنة 1976 في فيلمه المتميز ”عودة الابن الضال”.

هي ثلاث أعمال كبيرة لمخرجين كبار، شارك فيها أسماء من فطاحلة التمثيل آنذاك، أعمال جعلته يتذوق رحيق الفن الراقي ويستنشق عبيره. هكذا كانت بداية هشام سليم ليتوقف بعدها مضطرا لفترة، من 1976 الى 1984 حيث ظهر مجددا في فيلم ”لا تسألني من أنا” للمخرج أشرف فهمي، ثم في نفس السنة في فيلم ”تزوير في أوراق رسمية” للمخرج يحيى العلمي، وبعدها شارك سنة 1985 في فيلم ”سنوات الخطر”  لنجدي حافظ، ليشق طريقه آمنا مطمئنا، حيث راكم أعمالا متنوعة بين السينما والتلفزيون والمسرح، ويكفيه أنه كان محظوظا بالمشاركة في الكثير من المسلسلات التي تعتبر اليوم من أشهر وأهم المسلسلات المصرية، بل مرجعا في الدراما التلفزيونية ك”الراية البيضا” و”ليالي الحلمية”  و”أرابيسك” و”هوانم جاردن سيتي”… رحم الله هشام سليم.

 

Exit mobile version