“بسمة نسائية”/ حوار مع الفنانة مونية لمكيمل/ الجزء الأول
-نجاح “شاطارا” في القاهرة هو نجاح للمسرح المغربي …
-لأول مرة ..المغرب يفوز بالجائزة الكبرى لأعرق مهرجان دولي للمسرح …
حاورتها: عزيزة حلاق
فنانة موهوبة، محترفة تمثيل، قادرة على تقمص كل الأدوار بسلاسة وإبداع. صادقة في أدائها وراقية في تعاملها.
لها أبعاد كثيرة في شخصيتها. شاركت في عدد من الأعمال في السينما والتلفزيون، ونجحت منذ بداياتها الفنية، في المسرح . لكن الجمهور تعرف عليها أكثر وأحبها حين شكلت ثنائي ناجح مع الفنان الفذ حسن الفد..
إنها الممثلة المبدعة، مونية لمكيمل، فتيحة محبوبة كبور، التي برز اسمها مؤخرا، بعد تألقها في “شاطارا”، المسرحية التي حصدت أكثر من جائزة في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي الدولي.
وكانت المفاجأة ترشح مونية لمكيمل لأفضل دور نسائي، ووصفها المخرج أمين ناسور بالظاهرة التي خلقت الحدث بالقاهرة.
حين تحاورها تكتشف فنانة حقيقية مثقفة متمكنة وتلقائية في أجوبتها..
عن مسيرتها الفنية وحياتها الشخصية ومشاريعها وأشياء أخرى يدور هذا الحوار مع “بسمة نسائية”:
*بداية نهنئكم على مشاركتكم الرائعة والمشرفة كفرقة مسرحية والتميز الذي حظيت به أنت في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، من خلال ترشحك لأفضل دور نسائي. قريينا أكثر من المسرحية، وكيف استقبلت أنت هذا الترشيح وهذا التميز؟
– أولا بالنسبة لمسرحية “شاطارا” هي عمل من إنتاج مسرح محمد الخامس، وحاملة المشروع هي فرقة ” ٍ ثفسوين للمسرح بالحسيمة ” هي تأليف جماعي، ساهم فيه كل من الكاتب سعيد أبرنوص وقدس جندل وأمين ناسور وطارق ربح.
*لنقرب القراء من موضوع هذه المسرحية؟ وما هي الرسالة التي تحملها؟
–المسرحية تدور حول ثلاث شخصيات نسائية من آفاق مختلفة، لكل واحدة منهن حكايتها ومعاناتها الخاصة يلتقين في مركز للإيواء فيطلقن صرخة تكسر الصمت حول معاناة المرأة المهاجرة عموما. هذه باختصار رسالة المسرحية.
بالنسبة للعرض، هناك “طاليا”، تجسد دورها (قدس جندل)، فتاة عربية من الشرق تزوجت برجل يكبرها سنا، عاشت علاقة زواج متشنجة وفاشلة، وعندما تمردت على هذا الواقع ورغبت في الارتباط بشاب آخر أحبته، اشتعلت الحرب في بلدها، مع تداعياتها الكارثية المعروفة، تشتت شمل الأسر وهجر الكثير من الأهالي، ولجوء البعض للمخيمات. طاليا كانت رفقة حبيبها من بين من لجأوا للمخيمات.
ومن هذه المخيمات هربت هي وحبيبها وركبا مغامرة عبور البحر نحو الضفة الأخرى، لكن، في رحلة الهروب هاته سيغرق الحبيب وتبقى “طاليا” وحيدة …لينتهي بها المطاف في مركز لإيواء النساء ضحايا العنف والأوضاع الهشة. وهناك ستلتقي بالشخصيتين الأخرتين، ربيعة وشاني.
-“ربيعة” جسدت شخصيتها ( شيماء العلاوي)، شابة مغربية، تتكلم بالدارجة هي فتاة توفت أمها أثناء ولادتها لتوأم، ستتوفى شقيقتها التوأم وستبقى ربيعة وحيدة في عالم لا يرحم. عاشت في الشارع وتم اغتصابها مرات عديدة، وأنجبت طفلا دون أن تستطيع تحديد من يكون أب مولودها. عانت من مختلف أشكال العنف والاستغلال الجنسي… عاشت الضياع والحرمان العاطفي..
-وهناك الشخصية الثالثة، “شاني” فتاة من أصول افريقية/ أوروبية، تتحدث فرنسية بلكنة افريقية، هي نتاج لعلاقة غير شرعية بين الأم الافريقية والأب الأوروبي، (الأم مساعدة طباخة في ثكنة عسكرية والأب جندي ضمن قوات حفظ السلام). ستعاني “شاني” من ميز مضاعف، ورفض مزدوج، بحيث غير معترف بها في قبيلة الأم، لأنها لا تشبه أهل قريتها. ومنبوذة من أهل الأب، لأنها ليست شقراء وبعبون زرقاء مثلهم. يعتبرونها الفتاة السمراء اللقيطة القادمة من عالم غير عالمهم.. فتضيع في رحلة البحث عن هوية …
ستلتقي النساء الثلاث في مركز لإيواء النساء ضحايا المجتمع، وهناك تدور أحداث العرض عبر حكي قصصهن وبوحهن بمعانتهن.
* أنت جسدت شخصية “شاني”؟
– شخصية “شاني” قدمتها في العروض الأولى بالمغرب الممثلة والصديقة آمل بنحدو، ولكن شاءت الأقدار أن تصاب أمل بمرض السرطان، تزامنا واختيار المسرحية لتمثيل المغرب في مهرجان القاهرة. فتمت المناداة علي لأداء دورها في مهرجان القاهرة.
*ألم يكن في ذلك تحدي بالنسبة لك؟ خاصة وأن الوقت لم يكن في صالحك؟ ٍ ومن اقترحك لتكوني مكان أمل؟
– تواصل معي في البداية الصديق أمين ناسور مخرج العمل، ولا أخفيك أن الأمر كان بالفعل تحديا وتحديا كبيرا. ولكن، لم يكن بإمكاني الرفض، خاصة وأن المسرحية ستمثل بلدنا المغرب، علما أن هذه الدورة 29 للمسرح التجريبي، هي أول مرة يشارك فيها المغرب في المسابقة الرسمية. وبالتالي، أن يدخل المسرح المغربي غمار التباري في مهرجان بهذا الحجم، حدث كبير بالنسبة لنا جميعا. فمن قبل كان المسرح المغربي يحضر كضيف شرف ويشارك بعروض تقدم على هامش المهرجان. لكن، هذه السنة كان تحدي كبير للفرقة ككل، وبالتالي مشاركتي كانت بالدرجة الأولى انسانية بالنظر للحالة الصحية لزميلتي أمل ولإنقاذ الفرقة من هذا المأزق وأيضا هي مسألة مبدأ ومسالة وطنية بالأساس. كل هذه العناصر أخذتها بعين الاعتبار، وقلت سوف أتوكل على الله وصافي.
* أكيد أن القرار صعب؟ ألم تخشي من الفشل والمغامرة أو المقامرة باسمك؟
*هو قرار صعب بالفعل، ومهمة أصعب بالتأكيد، لكني استبعدت كل الأسئلة التي كانت من الممكن أن تخيفني أو تحبطني، من قبيل الخوف على اسمي واش غادي ننجح ولا لا…؟
المهم كان هو التركيز على الثوابت، والثابت هنا هو تمثيلية المملكة بالنسبة لي وللفرقة ككل. والحمد لله كانت مشاركة مشرفة وخلفت صدى طيبا عربيا ووطنيا. وهذا هو أكبر ربح بالنسبة لنا. وربي ما حشمناش..
– وكانت المفاجأة الكبرى ربما هي ترشحك لأفضل دور نسائي؟
*بالفعل، (وهذا اللي كان غريب في القصة)، حصلت المسرحية على الجائزة الكبرى وحصل أمين ناسور على جائزة الإخراج، وهو بالمناسبة تتويج مستحق، وحصلنا أيضا على جائزة أحسن انسجام للفرقة مناصفة مع الفرقة النمساوية. والمفاجأة كانت بالفعل، هي ترشحي لأفضل ممثلة.
* وهادي جات على غفلة وما كانت على البال؟
– تضحك، (هادي اللي ماكانتش في الحسبان بالمرة). بحكم أنني دخلت للتداريب مع الفرقة قبل أربعة أيام فقط من العرض الرسمي، وأول مرة كندخل مع الفرقة بعد استكمال كل عناصر المسرحية من ديكور وأضواء وكلشي، كان يوم العرض، في المسابقة الرسمية وأمام لجنة التحكيم التي ستنقط العمل.
* ما السر في ذلك؟
– الصراحة أنا دخلت هذا العمل، بمسؤولية كبيرة وقلب أبيض وبروح التضامن مع زملائي، دخلت وأنا متأكدة من أنهم سيقومون بما قمت به، لو كنت في الموقف ذاته.
* كيف استقبلت هذا الترشيح وهذا التميز؟
– تفاجأت واختلطت لدي المشاعر بين الفرح والدهشة والبكاء، وكان الترشيح التفاتة جميلة. وفرحة كبيرة لي ولزملائي كنا نضحك ونصرخ بشكل هستيري…كانت لحظة لا تنسى..
– لمن تهدي هذا التتويج؟
* لكل المغاربة ولكل الفرق المسرحية ولراعي الفن صاحب الجلالة محمد السادس الله ينصره ويحفظو لينا.
*سأنتقل معك لمحور آخر من المسرح إلى التلفزيون..
*من خلال تتبعنا لمسيرتك، منذ بداياتك، نلاحظ أنه لم يكن لك أدوار كوميدية، إلى أن اختارك الفنان حسن الفد، فكانت المفاجأة، اكتشفنا فنانة تتمتع بحس كوميدي راق، وبأبعاد كثيرة في شخصيتها. هل اكتشفت معنا كجمهور هذه المواهب الكامنة في شخصيتك، والتي كانت تنتظر فقط من يستفزها ويبرزها وهذا ما قام بها الفد؟
– فقط أريد هنا تصحيح بسيط، بالنسبة لمسيرتي الفنية، وعلى مدى 16 سنة الماضية، كانت لي تجارب كوميدية كبيرة جدا في المسرح. لكن، لم تكن لي ربما الجرأة لخوض غمار تجربة الكوميديا في التلفزيون، كان لدي ربما تخوف لأنني أدرك أن سقف تطلعات الجمهور المغربي في الكوميديا بالخصوص، عال جدا. (قد يكون من السهل أن تبكي الجمهور لكن من الصعب إضحاكه)..
ومن خلال ممارستي للمسرح، كنت أقوم بعملية لجس النبض على الخشبة التي تحقق للمثل تواصلا مباشرا مع الجمهور، ليس مثل العمل التلفزي حيث عليك انتظار بث العمل وانتظار ساعات لقياس مدى تفاعل الجمهور مع أداءك، ولا اخفيك أنني حين تلقيت العرض من عند السي حسن، لم يكن من السهل علي قبول اقتراحه لولا تشجعيه وثقته في امكانياتي كممثلة محترفة.
*وهل كان من السهل اقناعك بخوض التجربة معه؟
– أولا الكل يدرك قيمة الأستاذ حسن الفد الأكاديمية والفنية، كان كلامه معي مقنعا. وجدت طريقة تحليله للأمور أكاديميا وفنيا طريقة سليمة.
*ماذا قال لك؟
– قال لي بالحرف:” انا لا أبحث عن ممثلة كوميدية، نتسابق أنا وهي على ليكاغ”. بل أبحث عن ممثلة لديها تجربة وحرفية وتستطيع أن تتلون وفق ما أريد قوله أو ايصاله للمتلقي من خلال الموقف.
ولعلكم كجمهور ومتابعين وإعلاميين مهتمين بالمشهد الفني، شاهدتم ولاحظتم أن كل أعمال السي حسن، مبنية على الجدية ولكن الموقف هو اللي كيضحك.
*وهادي خدمة ديال الفنان المعلم؟
– تبتسم، تماما.
* هل تعتبرين نفسك وصلت إلى ما تطمحين إليه فنيا؟
– تضحك، أنا لا أتعجل في الوصول إلى ما أطمح إليه، (غادة بشوية ودقة دقة وكل حاجة في وقتها زوينة…)…
انتهى الجزء الأول من الحوار ( يتبع)..