خاص/ بسمة نسائية/ الداخلة
“في عالم ممزق بين الجوائح والحروب: ما الذي يعيق حلم الاتحاد المغاربي؟” كان هذا هو محور الندوة الهامة التي ميزت أشغال الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالداخلة، والتي عرفت مشاركة كل من الوزير والديبلوماسي الأسبق الموريتاني محمد ولد أمين و البرلمانية و رئيسة جمعية الصداقة المغربية الموريتانية زينب منت التقي و الاعلامي التونسي عادل الحامدي والباحث المغربي والمحلل السياسي والأكاديمي الموساوي العجلاوي، إضافة إلى رئيس جهة الداخلة وادي الذهب الخطاط ينجا.
الدبلوماسي الموريتاني الأسبق محمد ولد أمين:
الجزائر ارتكبت أخطاء كبيرة في ملف الوحدة المغاربية
مداخلة قوية شدت إليها انتباه الحضور، افتتح بها وزير الاتصال الموريتاني الأسبق، محمد ولد أمين، هذه الندوة التي أدارها باقتدار الإعلامي عبد الرحمان العدوي. وقال ولد أمين في بداية كلمته:” لقد ضيع المغرب الكبير فرصا كثيرة داعمة للوحدة والتكامل”.
المتحدث استعرض مسار العلاقات المغاربية / البينية التي اتسمت منذ الاستقلال إلى الآن بمد وجزر غير جارف، لكن مهدر للوقت والجهد والطاقات الخلاقة في هذه المنطقة المغاربية التي تزخر بكل مقومات الازدهار والتقدم.
الباحث محمد ولد أمين، وهو محامي حاليا و كاتب، اعتبر أن الجزائر ارتكبت أخطاء كبيرة في ملف الوحدة المغاربية، مشيرا إلى أنه كان سيمتلك الشجاعة لقول نفس الأمر في حالة ارتكب المغرب هذه الأخطاء.
وقال إن “الذي لا يريد الوحدة في المغرب العربي ليست هي تونس ولا ليبيا ولا موريتانيا ولا المغرب، بل هي الجزائر”، مشيرا إلى أنه “بالرغم من أن الجزائريين حصلوا على استقلالهم بعد حرب مريرة، إلا أنهم ماكانوا ليحصلوا عليه بدون دعم الأقطاب الأربعة المجاورة لهم”.، خصوصا المغرب الذي كان للملك محمد الخامس وللحكومة المغربية والشعب المغربي دورا كبيرا في تحرير الجزائر، إضافة إلى دور تونس التي بذلت جهدا كبيرا من أجل تحرير جارها الجزائر.
وأضاف أن “تشرذم وعدم التنسيق والتكامل فيما بين الدول المغاربية الخمس، سيعدينا إلى المربع الذي خرجنا منه”، متسائلا: “ما الفائدة من دعم حق تقرير المصير من طرف الجزائر، وما الفائدة من وجود دولة صحراوية؟ مادام أن هدف الدولة هو إسعاد الانسان والمغرب يسعى إلى ذلك من خلال ما شاهدناه من معالم التنمية في الأقاليم الصحراوية”، مردفا ” إنها بغضاء وضغينة رخيصة من طرف الجزائر”.
واستعرض الباحث الموريتاني مدى حجم الخسائر التي تتكبدها المنطقة بسبب التسليح وحجم الاستثمارات التي تأخرت جراء النزاع.
وقال المتحدث إلى “أن مدينة الداخلة أصبحت في ظل سلطة المغرب مدينة متطورة”، مؤكدا أنه يعتبر نفسه جزءا من هذه المدينة، مشيدا بترشيح الأحزاب المغربية بأقاليم الصحراء لشخصيات صحراوية في الانتخابات.
وفي هذا الصدد، دعا ولد أمين إلى استغلال تجربة الاتحاد الأوروبي من أجل إعادة إحياء الاتحاد المغاربي، معتبرا أن الاتحاد الأوروبي فكرة عظيمة تأسست في البداية كفكرة غير تجارية ولا ربحية، بل لتفادي الحرب والنزاعات مجددا، خاصة بين فرنسا وألمانيا.
وذكر في هذا الإطار، بأنه “لم يبقى في أيدينا إلا مقترحات الرئيس التونسي الراحل، القايد الباجي السبسي الذي سبق أن قام بوساطات بين الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد، وتدخل لتبادل الأسرى بين البلدين في سبعينيات القرن الماضي”.
وانتقد المتحدث بشدة استمرار فرض المغرب للتأشيرة على الموريتانيين، عكس دول إفريقية أخرى يتمكن مواطنوها من دخول المملكة بدون أي “فيزا”، مشيرا إلى أن موريتانيا لا تفرض التأشيرة المسبقة على المغاربة، بل تطلبها في المركز الحدودي.
وتساءل الوزير السابق، محمد ولد أمين عن سبب هذا الموقف المغربي تجاه موريتانيا، قائلا: “هل المغرب منزعج من المواقف السياسية لموريتانيا؟، إذا كان كذلك فهو أمر غريب، لأنه يجب أن يكون المغرب حينها أكثر انزعاجا من الجزائريين الذين يدخلون المغرب بدون تأشيرة رغم الخلافات الكبيرة بين البلدين.”
الموريتانية زينب منت التقي:
الوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها على الأقاليم الصحراوية “لا نقاش فيها”
وفي نفس السياق أكدت رئيسة جمعية الصداقة المغربية الموريتانية زينب منت التقي، أن الفضاء المغاربي يفرض دعم الرؤية الوحدوية للدول المغاربية الخمس تحقيقا لحلم شعوب المنطقة في التكامل والوحدة، وعرجت على مسار العلاقات المغربية الموريتانية التي أوضحت أنها تشهد “محطة ايجابية “في التنسيق والتعاون بالنظر إلى أن موريتانيا تعتمد كثيرا على المنتوجات الفلاحية والصناعية المغربية بالدرجة الأولى، مشيرة إلى أن الوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها على الأقاليم الصحراوية “لا نقاش فيها لما لشرعية المملكة على هذه الأرض”.
واشارت إلى أن الجزائر بتماديها في التعنت والبحث عن السراب في قضية الصحراء المغربية، هو مجرد هدر للجهد والوقت المغاربي والاسهام في تأخير قطار المغرب الكبير نحو النماء والازدهار.
التونسي عادل الحامدي:
الوحدة المغاربية هي حلم الشعوب المغاربية
من جهته، شدد الإعلامي التونسي عادل الحامدي، على أن الوحدة المغاربية هي حلم الشعوب المغاربية، وما الخلافات التي ماتزال مستمرة بين الجزائر والمملكة المغربية، هي بالأساس لا هدف منها ولا نتيجة من ورائها، ولن تخدم الوحدة المغاربية التي كانت محطة 1958 بطنجة انبعاث لهذا الحلم الذي لم يتحقق بعد، بالرغم من اللقاء الشهير والتاريخي الذي نتج عنه فيما بعد ” إحداث اتحاد المغرب العربي” بمراكش الحمراء في العام 1989 بقيادة الراحل الملك الحسن الثاني وبحضور قادة دول المغرب الكبير.
العجلاوي:
المغرب بادر إلى عرض “مبادرة الحكم الذاتي” كحل متقدم لهذا النزاع المفتعل
الأكاديمي الموساوي العجلاوي قدم عرضا ملخصا ومركزا لكرونولجيا النزاع حول ملف الصحراء المغربية، واستعرض محطات الخلاف المغربي الجزائري الذي تعمقه ضغينة حكام النظام الجزائري تجاه المغرب منذ حرب الرمال في العام 1963 إلى الآن.
وقال بخصوص هذا الموضوع:” إنه وبحسب المعطيات التاريخية والقانونية تأكد فيما لاشك فيه أن “الصحراء مغربية”، وبالرغم من ذلك يضيف العجلاوي، بادر المغرب إلى عرض “مبادرة الحكم الذاتي” كحل متقدم لهذا النزاع المفتعل، والتي لقيت تجاوبا كبيرا من طرف المنتظم الدولي، إلا أن النظام الجزائري لم يفتأ في إذكاء الفتنة والخوض في الماء العكر، عوض أن يستجيب للحكمة ولضمير الأمة المغاربية الحالمة بوحدة شعوب منطقة شمال افريقيا، خصوصا في الدول المغاربية الخمس.
رئيس الجهة الخطاط:
المغرب رصد أموالا مهمة لهذه الجهة، لتكون في طليعة المدن المغربية من الناحية التنموية، كونها تشكل “صلة عقد” بين الشمال والجنوب
رئيس جهة الداخلة وادي الذهب الخطاط ينجا، استعرض في مداخلته لمسار التنمية بهذه الجهة، قائلا” أن الجهة تعرف تزايدا مهما في النمو الديمغرافي ، وايضا تزايدا في مساحة الاستثمارات التي تقبل على مدينة الداخلة وضواحيها نظرا لجاذبيتها التنموية، مشيرا إلى أن المغرب رصد أموالا مهمة لهذه الجهة، لتكون في طليعة المدن المغربية من الناحية التنموية، كونها تشكل “صلة عقد” بين الشمال والجنوب.
بقي أن نشير إلىأن تأتي ندوة الداخلة اندرجت ضمن فعاليات اللقاء الاستثنائي الذي نظمته الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بمدينة الداخلة، يومي 22 و23 يوليوز الجاري، والذي عرف، جمعا عاما استثنائيا للفرع الفيدرالي بالجهة، ومجلسا فيدراليا، وهو أول لقاء من هذا النوع تعقده الفيدرالية بالصحراء المغربية.