أرخت الأزمة الصحية العالمية المرتبطة بتفشي فيروس كورونا المستجد بظلالها على حقوق المرأة، التي تراجعت في جميع أنحاء العالم، وفي الكثير من القطاعات، بما في ذلك العلوم، حيث أماطت جائحة كوفيد 19 وفرض الحجر الصحي والعزلة الاجتماعية وعمليات الإغلاق لفترات متعاقبة، اللثام عن الفوارق القائمة، إلى جانب اتساع فجوة التفاوتات المسجلة بين الجنسين.
وكشفت العديد من الدراسات المنجزة في هذا الاتجاه، أن العالمات، لا سيما أمهات الأطفال الصغار، أو اللاتي في أولى مراحل الحياة المهنية، هن الأكثر تضررا من جائحة كورونا.
والواقع أنه لم يتم إدراج الباحثات في عمليات اتخاذ القرارات، وتم تغييبهن خلال وضع القوانين، وإقصاؤهن في عالم الصحافة والإعلام، على الرغم من كونهن بصمن على حضورهن القوي، وكن في الصفوف الأمامية لمنع انتشار فيروس كورونا، ولعبن دورا رائدا وحيويا عبر مختلف أنحاء العالم في سبيل زيادة المعرفة بالوباء، ومعالجة المرضى، وتطوير لقاحات آمنة وفعالة.
اليوم، آن الأوان للإصغاء إلى أصوات النساء العالمات وأخذها بعين الاعتبار.
من أجل ذلك، تُنظم مؤسسة لوريال واليونسكو، يومه الثلاثاء 7 دجنبر، حدثا استثنائيا بعنوان “مهرجان من أجل النساء والعلم” احتفالا بتفوق النساء في مجال العلوم، وتسليط الضوء على باحثات سطع نجمهن عبر العالم، وكُن ملهمات في مجال تخصصهن.
سيشهد الحدث الاستثنائي تنظيم ندوات وحوارات وموائد مستديرة لتبادل الأفكار والآراء والخبرات، بمشاركة أزيد من 40 شخصا من مختلف أنحاء العالم، ما يُمثل 40 محتوى حصري، وأزيد من 12 ساعة من الفيديوهات الملهمة التي سيتم بثها عبر الانترنت يومه الثلاثاء 7 دجنبر على الموقع التالي:
نقاش قائم على سؤالين جوهريين:
يُمثل مهرجان من أجل النساء والعلم فرصة للتفكير في سؤالين محوريين برزا بقوة خلال فترة الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، وأصبحا ذو أهمية بالغة في الوقت الراهن:
- تعزيز الصحة العالمية: ما هو الدور الذي ستضطلع به العالمات في تحديد جداول الأعمال الجديدة للبحوث الطبية وفي تطوير نظم صحية جديدة قادرة على الصمود أمام الصدمات الكبيرة، مع ضمان استفادة الجميع من العناية الصحية اللازمة؟
- فك شفرات ورموز الثورة الرقمية التي تسارعت وتيرتها بشكل استثنائي وملحوظ خلال فترة انتشار الوباء العالمي، وتسجيل آثار كبيرة على مختلف مجالات الحياة اليومية. السؤال المطروح في هذا الصدد، كيف نضمن مساهمة الباحثات في مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا بشكل كامل في التكنولوجيا العلمية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم الروبوتات وعلوم المواد وتخزين الطاقة؟ ما هو السبيل إلى التأكد أن هذه التطورات تعود بالنفع على الجميع دون تحيز أو تمييز؟
إلى جانب التعمق في الإجابة عن هذين السؤالين، سيتم تنظيم نقاشات للحديث عن الصعوبات التي تواجهها العالمات في الحصول على مناصب عليا في مجال تخصصهن، وكيفية التغلب على الأحكام والأفكار المسبقة وأوجه الإجحاف ومظاهر عدم المساواة المنهجية التي تقف في مسار تحقيق النساء لأهدافهن وإحراز التقدم والتطور المطلوب.
لا تزال المرأة ممثلة تمثيلا غير كافيا في أعلى مستويات مجال البحوث
على الرغم من إحراز بعض التقدم الملحوظ، إلا أن آخر الإحصائيات الرسمية الصادرة عن أحدث تقرير لليونسكو حول العلوم، كشف أن النساء يُمثلن نسبة 33 في المائة من مجموع الباحثين.
هذا التطور الملحوظ لا يزال يتحرك بخطوات بطيئة جدا، حيث أن هناك الكثير من الحواجز التي تقف في وجه النساء لتحقيق نجاحهن المرغوب، ويظل حصولهن على المناصب العليا واقعا لا يمكن إنكاره نهائيا، بل يُمكن القول أن تولي النساء للمراتب العليا والاعتراف بمجهوداتها هو أمر نادر جدا، وفيما يلي بعض الأمثلة:
- قدمت النساء في أوروبا خلال الفترة ما بين 2013 و2016 ما نسبته 2.4 في المائة فقط من براءة الاختراع.
- إلى غاية سنة 2019، تمثل النساء 19 في المائة فقط من المخترعين؛
- تمثل النساء 22 في المائة فقط من المهنيين في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يُعد واحدا من أحدث مجالات البحث.
- غياب النساء عن لائحةالفائزين بجوائز نوبل في مجال العلوملسنة 2021.
- تقتصر نسبة النساء في قائمة الحائزين على جوائز نوبل في مجال العلومعلى 4 في المائة فقط منذ إحداثالجوائز سنة 1901.
كُل الأرقام غير المحفزة المذكورة أعلاه هي نتيجة الحواجز نظامية، الأحكام المسبقة اللاواعية، الرقابة الذاتية، التحيز الجنسي، والتمييز الذي تصادفه العالمات في جميع مراحل الحياة المهنية.
لا يقتصر المشكل على النساء فقط.. بل مجال البحوث العلمية أيضا..
حتى تكون البحوث ملائمة، يجب أن تكون شاملة، كما يجب أن تُراعي الحلول القائمة على منظور نوع الجنس وأن تستند على المساواة بين الجنسين، بهدف مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.
التجربة التي تم إنجازها في هذا الصدد، أثبتت أن عدم التنوع في فرق البحث يُسفر عن خلق قيود كبيرة أمام الابتكار، وعلى سبيل المثال، نددت الكثير من الشركات الكبيرة بتقنيات التعرف على الوجوه البشرية على اعتبارها تمييزية، ولا سيما في قطاعي الصحة والقانون، بعدما تم الكشف عن أخطاء في نظم التصنيف المتصلة بالجنس ولون بشرة الشخص.
وكشفت النتائج أن تقنيات التعرف على الوجه تميز الرجال بدقة أفضل من النساء، وتميز بدقة بعض ألوان البشرة عن غيرها، وتم في غالب الأحيان الانحياز إلى البشرة البيضاء على عكس النساء ذوات البشرة الداكنة.
وبلغت نسبة الخطأ في التعرف على الذكور من أصحاب البشرة الفاتحة 1 في المائة، مقابل 7 في المائة عند الإناث ذوات البشرة الفاتحة، لكن النسبة ارتفعت إلى 35 في المائة عند الإناث ذوات البشرة الداكنة، حيث أثبتت النتائج أن تكنولوجيا التعرف على الوجه ليست دقيقة، الأمر الذي وقف عائقا أمام تقدم التقنية وتراجع الاعتماد عليها.
اعتماد بحث شامل لجلب فرص كبيرة
أدت أشكال عدم المساواة بين الجنسين السائدة في العديد من المجتمعات إلى خلق عائق كبيرة أمام تقدم العالمات، حيث تفيد التقديرات أن تقليص الفجوة بين الجنسين في مجال تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات سيعود إيجابا على الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الاتحاد الأوروبي، وسيتم تسجيل زيادة نسبتها ما بين 2.2 في المائة و3 في المائة سنة 2050.
وشهدت مهارات الذكاء الاصطناعي نموا سريعا جدا، حيث ارتفع عدد الأفراد الذين يتمتعون بهذه المهارات بـ 190 في المائة عبر العالم خلال الفترة ما بين 2015 و2017.
المثال الأخير الذي سنتقاسمه معكم، أن فرق البحوث المختلطة تجلب ابتكارات جذرية أكبر إلى الأسواق في مدة لا تتجاوز عامين، وأن الشركات التي تقودها النساء تحقق نتائج أفضل ثلاث مرات من الشركات التي يقودها الرجال.
برنامج لوريال – اليونسكو للنساء في مجال العلوم – التزام طويل الأمد
التزمت مؤسسة لوريال واليونسكو على مدى أزيد من 20 سنة على دعم النساء العالمات ليسطع نجمهن والتعريف بمواهبهن، ومشاركة قصصهن الملهمة مع الجيل الصاعد، وذلك لاقتناعهما الكامل بأن العالم يحتاج إلى العلوم، والعلوم في حاجة ماسة للنساء.
وتحتفل مؤسسة لوريال ويونسكو سنويا بخمس باحثات متميزات عبر العالم، كما يدعم البرنامج أكثر من 250 عالمة شابة في جميع أنحاء العالم.
ونجح البرنامج منذ إحداثه سنة 1998 من مواكبة 122 فائزة، وأزيد من 3800 شابة في مجال العلوم في أزيد من 110 بلدا ومنطقة عبر العالم.
نبذة عن مؤسسة لوريال:
تعمل مؤسسة لوريال إلى جانب النساء لتمكينهن من التعبير عن قدراتهن، واستعادة زمام أمور مصيرهن والتأثير الإيجابي على المجتمع من خلال ثلاث مجالات هي: البحث العلمي، الجمال الكمال وتغير المناخ. ونجح برنامج لوريال-يونسكو من أجل النساء والعلم منذ إحداثه سنة 1998 في تسريع وتيرة الحياة الوظيفية للعالمات ومحاربة العقبات التي يواجهنها، حتى يساهمن في حل التحديات الكبيرة التي يواجهها عصرنا.
وعلى مدى 23 سنة، نجح البرنامج في دعم ومواكبة أزيد من 3900 عالمة من 110 دولة، ذلك أن البرنامج يُقدر الامتياز العلمي ويسعى إلى إلهام الشابات للمشاركة في مناهج العلوم. وتقوم مؤسسة لوريال، اقتناعا منها بأن الجمال يساهم في عملية إعادة بناء الذات، بمرافقة النساء المستضعفاتلزيادة الثقة في أنفسهن من خلال منحهن إمكانية الحصول مجانا على كُل ما يخص العناية بالبشرة والذات.
وفي نفس الصدد، تشجع لوريالحصولهن على العمل من خلال استفادتهن من تكوين لدخول عالممهن التجميل. وفي المتوسط، تستفيد 16 ألف سيدة سنويا، في حين ساهمت أزيد من 18 ألف سيدة من تكوين مخصص منذ انطلاق البرنامج.
وأخيرا،تكون النساءبشكل مستمر ضحايا عدم المساواةوالتمييز بين الجنسيننتيجة التغير المتسارع للمناخ، فهن أول من يتأثرن بعواقب الاحتباس الحراري، إلا أن حضورها يظل ضعيفا في صنع القرار.
ويدعم برنامج المرأة والمناخ التابع لمؤسسة لوريال النساء اللاتي يضطلعن بمشاريع تستجيب للطوارئ المناخية، ويزيد الوعي بأهمية الحلول التي تأخذ في الاعتبار التداخل بين القضايا النوع الجنسيوالمناخ.
نبذة عن يونسكو
تسعى اليونسكو، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة منذ إحداثها سنة 1945 إلى إحداث الظروف اللازمةلضمانالحوار بين الحضارات والثقافات والشعوب على أساس احترام القيم المشتركة.
تتمثل مهمة اليونسكو في الإسهام في بناء السلام والقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة والحوار بين الثقافات من خلال مهاراتها الفريدة في مجالات التعليم والعلم والثقافة والاتصال والإعلام.
ترتكز المنظمة على أولويتين عالميتين: أفريقيا والمساواة بين الجنسين.