مِنَ المغرب؛ وصايا عهد التميمي لأحرارِ العالم  

محمد الفرسيوي

على امتدادِ حوالي أسبوعٍ قُبَيْلَ انطلاقِ عدادِ 2018، صار الزمنُ في المغرب فلسطينياً بامتياز. وفدٌ مِنْ أسرى فلسطين الأسيرة، برئاسةِ الأسيرِ وزيرِ شؤونِ الأسرى في فلسطين المحتلة، ورعايةِ الأسيرِ سفير فلسطين بالمغرب، يحل ضيفاً حميمياً على كل المغاربة، بدعوةٍ من مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين بالمغرب، وباحتضانٍ كريم من لدن كل المغرب.

عياءٌ جميل داهمَ الجميع، ببرنامجٍ مكثفٍ جداً، من اللقاءِ التواصلي مع وسائلِ الإعلام، مروراً بمهرجانِ مسرح محمد الخامس والتشاورِ مع مختلفِ الشخصياتِ الوطنية والهيئاتِ والفعالياتِ السياسيةِ والحقوقية، وختماً بغرسِ؛ شجرة “عهد فلسطين” بالرباط… أيقونةً للتاريخِ في التاريخ، يا عهد التميمي !

لذلك، يُلزمنا هذا الغرسُ، أي غرسٍ، بأنْ نسقي، نُقلبُ التربةَ، نُنَقي ونَرْعى باستمرار، بقلبِ الفلاحِ وعقله أبداً. فما الذي يجبُ؟ ما الوصايا المستعجلةُ، في الزمانِ والمكان، التي ألقى بها فينا وبيننا هذا اللقاء، وفدُ أسرى فلسطين، ومعالي الأسيرِ الوزير؟

لا شك أن هذه “الوصايا المستعجلة” موصولةٌ بأكبرِ أَسْرٍ كوني في تاريخِ الإنسانيةِ الحديث؛ أَسر أرضٍ وشعبٍ ووطنٍ بأكمله عنوانه كل فلسطين. ولا شك أيضاً أنها تهم آلافَ الأسرى في سجونِ الاحتلال وأكثر مِنْ مانديلا فلسطيني عربي، تنضافُ لهن ولهم مئاتُ الأسرى مِنِ الصبيةِ والأطفال. وهنا المسؤوليةُ إنسانيةُ، قبل كل شيءٍ وأي شيء، وهي متداخلةٌ ومتكاملةٌ ومتشاركة، بين الهيئاتِ الوطنيةِ كلها، الرسميةِ الدبلوماسيةِ والبرلمانيةِ من جانب، والحزبيةِ والمدنيةِ (الأهلية) والحقوقيةِ من جانب.

ولما كانت وجهةُ عملِ الجهات الرسمية، دبلوماسياً وحكومياً وبرلمانياً، وكذا عناوينها محددةً ومُعَرفَةً، بخصوصِ ملف الأسرى والقدس وقضيةِ فلسطين، في الدعمِ المادي والمعنوي، في مقاطعةِ الكيان الإسرائيلي على كل الأصعدة، في الإعلامِ الرسمي والمحافلِ الدولية وفي الأممِ المتحدةِ ومختلفِ الهيئاتِ والمنظماتِ التابعةِ لها(…)، فإن وجهةَ عملِ التنظيماتِ والفعالياتِ السياسية والحقوقيةِ والمدنيةِ عموماً، مُعَرفَةُ ومُحددةُ أيضاً، في التضامنِ الإنساني، في مناهضةِ كل أشكالِ التطبيعِ والتعريفِ بالملفاتِ والقضايا وتفعيلِ الضغطِ الشعبي الوطني والدولي، في الإعلامِ ومحافلِ وأنشطةِ المنظماتِ الحقوقية العالمية، وفي إنجازِ وتعميمِ التقاريرِ المدروسةِ والعرائضِ واللقاءاتِ والوقفاتِ وكل أشكالِ التحسيسِ والتثقيفِ والاحتجاجِ والتضامن.

بيد أن الوصيةَ الأكثر استعجالاً في كل هذه “الوصايا المستعجلة”، وفي الظرفِ الفلسطيني والدولي الراهن، تتعلقٌ بالأسرى القاصرين من الصبيةِ والأطفال، الذين يتعرضون علاوةً على الاعتقالاتِ والمحاكماتِ، إلى التعنيفِ النفسي والجسدي وإلى الحرمان من اللعبِ والتمدرسِ والحنان.

فأما من حق أطفالِ فلسطين المحتلة أنْ يعيشواْ كسائرِ أطفالِ العالم؟

Exit mobile version