بسمة نسائية/ أصواتهن
بقلم: فوزية التدري
لا أدري لماذا لا يمكنني تخيل امرأة غربية بالمطبخ دون تصورها وهي تخفق البيض بقوة في إناء عميق وقد وضعت كيس الطحين والزبدة والحليب بالقرب من الوعاء. تخفق البيض وهي تلتفت إلى زوجها الذي يغسل الصحون وتكمل معه حديثا أثارته وهما عائدان من العمل مساء. رؤية قشور البيض التي تم كسرها إلى نصفين تجعلني أتساءل: ماذا لو أن صوصا صغيرا أصفر اللون هو من كسر البيضة وأطل برأسه الصغير ذي الزغب الخفيف على الحياة؟
صورة تلك المرأة الجميلة الرشيقة وهي واقفة بوسط المطبخ لا تزول من ذاكرتي، والخفق لا يتوقف أيضا.
لا أحب التنميط، لكنني ضحيته في بعض الأحيان. فهكذا تروج الأفلام صورة النساء الغربيات وهن بالمطبخ. ربما هي ليست صورا نمطية مطلقة، لأن هناك حكاية مستمرة بالتاريخ الغربي، تربط بين المرأة والدجاجة وسلة البيض والزبدة والحليب ثم الطحين الذي يأتي من السنابل الذهبية بالحقول الفسيحة التي يتم حصادها في الصيف.
لا أحد ينكر بأن مطبخ بلد يعكس اقتصاده وثقافته، فمن يستطيع أن ينكر علاقة امرأة بيضاء البشرة من الغرب بالبيض والزبدة والحليب ثم الطحين؟
قد يتساءل قارئي لماذا أتحدث الآن عن امرأة غربية وسط المطبخ مع العلم أنه قد يتم تخيلها من طرف البعض في أماكن أخرى؟ ربما أفعل ذلك لأن أغلب نصوصي تأتيني وأنا بالمطبخ.
ربما لأنني امرأة تجيد خفق البيض والزبدة وتفكر في وضع امرأة أخرى من بلاد بعيدة تخفق البيض هي الأخرى. وربما لأنني أنا وتلك المرأة التي تقطن ببلاد بعيدة وتتحدث بلغة أجنبية، نكتب نصوصنا في المطبخ ونحن نخفق البيض.