نادين لبكي:السينما قد تُوقظ الضمائر لكنها لا تغير الواقع

مراكش/ عزيزة حلاق

صور: زليخة


ضمن فقرة “حوارات” التي خصصتها إدارة مهرجان مراكش الدولي للفيلم لنجوم وضيوف هذه الدورة، كان عشاق السينما أمس على موعد مع جلسة مفعمة بالصدق والعمق، بطلتها المخرجة اللبنانية المتألقة نادين لبكي، بإدارة الصحفي اللامع عبد الله الترابي.
بين بوح البدايات المثقلة بوجع ما سُمِّي بـ”الحرب الأهلية الثانية” سنة 2006، وما خلّفته من خوف وانسداد، استرجعت لبكي طفولتها عندما أُغلقت المدارس ولم يبقَ منفذ سوى شاشة التلفزيون. هناك بدأت تثقيب جدار الصمت، قبل أن تشق طريقها في الإعلانات وتصوير الفيديو كليبات، وصولاً إلى عالم الإخراج السينمائي الذي رسّخ اسمها كواحدة من أبرز المخرجات العربيات على الساحة الدولية.
رباعية أعمالها السينمائية شكّلت بصمتها الخاصة:
“كاراميل” (2007)، “وهلأ لوين؟” (2011)، “كفرناحوم” (2018)، و”كوستا برافا، لبنان” (2021)، إضافة إلى مشاركتها كممثلة في فيلم “أصحاب ولا أعز” (2022).
كان اللقاء لحظة تأمل مفتوحة؛ شاهد معها الجمهور مقاطع من أفلامها، واستمع لقراءات حميمة لخلفياتها وسياقاتها الاجتماعية والسياسية، خاصة تلك المتعلقة بلبنان. أفلام لبكي، التي تغوص في الصراعات الطائفية والحرب الأهلية، تشكّل صرخة واضحة: كفى للحروب والأزمات.
وفي أعمالها، تظهر المرأة بوصفها الصوت العاقل، القوة الهادئة التي تتدخل للفصل أحياناً، بلمسة ساخرة وأناقة موسيقية يوقعها زوجها. أفلام تحمل رسائل أمل، وتستفز الضمائر قبل العيون.
وتوقفت لبكي طويلاً عند أحد أقوى المشاهد في مسيرتها: أداء الطفل زين الرافِع في فيلم كفرناحوم. تحدثت عن اللحظة التي أبكتها خلف الكاميرا، وعن دموعها التي لم تستطع حبسها خلال العرض العالمي للفيلم سنة 2018 في مهرجان كان حيث توجت بجائزة التحكيم، ولا أمس أمام جمهور مراكش وهي تستعيد ظروف التصوير والعمل مع أطفال ينتمون إلى مخيمات اللاجئين السوريين، يعيشون هشاشة لا يمكن للسينما وحدها انتشالهم منها.
ورغم أن بطلها زين استطاع الالتحاق بأسرته ويتابع دراسته حاليا في الطب البيطري بالنرويج، ختمت لبكي حديثها بأسى عميق:
“مئات الأطفال ما زالوا يعانون… السينما قد توقظ الضمائر، لكنها وحدها لا تغيّر الواقع.”



