“ضربة في الرأس” توجع ولا تمتع..
كريمة رشدي
كي تشاهد الفيلم الأخير لهشام العسري، الذي قدم عرضه الأول مساء أمس بسينما الريف بالدارالبيضاء، يجب أن تكون ملما بكل تقنيات التصوير والكتابة السينمائية العميقة، وأن تنتمي للمثقفين، والسياسيين الشجعان، الذين يجرؤون على انتقاد المخزن، ولأن هذا المخرج المبدع تطرق لسنوات الرصاص، فيجب على الكل أن يصفق له، يجب علينا أن نقول إننا فهمنا كل الرسائل التي مررها فيلمه “ضربة في الرأس”.
فكرة فيلم “ضربة في الرأس” رائعة، لكن التناول السينمائي لم يكن في الموعد، لأن موضوع سنوات الرصاص في المغرب يحتاج إلى إلمام وجرأة كبيرين، فلا يمكن أن تلخص حكاية شرطي وجد نفسه في وظيفة لم تكن على مقاس شخصيته الرومانسية الحالمة، ومقتطفات من الخطاب المشهور للملك الحسن الثاني، وكلمات المخزن التي تؤثث بعض مشاهد الفيلم، معاناة جيل بكامله.
مخرج الفيلم وضع فيلمه في خانة أفلام سينما المؤلف، وأنه يتوجه إلى جمهور خاص، جمهور يتسطيع تخمين كل ما يقوله هشام العسري من خلال الصورة والمونتاج، وعندما يلتقط صورة للسحب في السماء، وكذلك حين يضع مسدسا فوق محيط شفاف ليخلق المعجزة.
كل من سيقترف مشاهدة فيلم “ضربة في الرأس” عليه أن ينحني إجلالا لمخرجه لأنه دخل من خلاله إلى النادي الضيق للنخبة التي تفهم لغة السينما، أما الجمهور العادي فليس معنيا بهذا الفيلم، بل ليس من حقه مشاهدته، إنه فيلم موجه للخبراء فقط.
نحن محتاجون إلى سينما تشبهنا، إلى أفلام تحكي قصصا صغيرة من معيشنا اليومي، قصص تبعث فينا الأمل، حكايات تسرح بخيالنا بعيدا ونعيش من خلالها أحلام يقظة، قصص حب رقيقة تدغدغ مشاعرنا.
معظم الأفلام التي تفوز بجوائز الأوسكار، والسعفة الذهبية، تحكي قصصا إنسانية بسيطة تخاطب الإنسان في كل أحواله.
البساطة ليست ضعفا، والإبداع هو الذي يمنحها القيمة الفنية التي تستحق، وحين ينزل السينمائي عند جمهوره، فهذا لن يقلل من قيمته كما يعتقد، بل يصبح أستاذا وملقنا للغة
الصورة، لأبناء وطنه البسطاء والأميين.